سَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ.

أ.د عبدالله الطيار
1447/05/03 - 2025/10/25 11:11AM

 

الْحَمْدُ للهِ الظَّاهِرِ بُرْهَانُهُ، الْقَاهِرِ سُلْطَانُهُ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ صَفَّتْ لِعَظَمَتِهِ الصَّافَّاتُ وخَشَعَتْ لِجَلالِهِ الأَصْوَاتُ، وأقرَّت بِوَحْدَانِيَّتِهِ جَمِيعُ المخْلُوقَاتِ، سُبْحَانَهُ اللَّطِيفُ الخبيرُ، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْينِ، ويَعْلَمُ مَا في الضَّمِيرِ (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنّ محمدًا عبدهُ ورسولُه، صلّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبه إلى يومِ الدِّينِ، أمّا بعدُ: فاتّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) البقرة:[194].
أيُّهَا المؤمنُونَ: الْعَبْدُ في هَذِه الدُّنْيَا، مَرْمَى لِلسِّهَامِ، وَهَدَفٌ لِلأَقْدَارِ، تَتَخَطَّفُهُ الْبَلايَا، وَتَخْتَرِمُهُ المَنَايَا، تَتَرَادَفُ عَلَيْهِ النِّعَمُ، فَلا تَتَجَدَّدُ لَهُ نِعْمَةٌ، إلا وَرُفِعَتْ عَنْهُ أُخْرَى، وَلا يَسْتَجِدّ ثَوْبًا، إِلا وَأَبْلَى غَيره، وَلا يَسْتَحْدِث أَثَرًا، إِلا وَأَفْنَى مِثْله، أَطْوَارٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَأَحْوَالٌ مُتَبَايِنَةٌ، وَصَدَقَ اللهُ الْعَظِيمُ: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ) الانشقاق: [19]
عِبَادَ اللهِ: وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مَلاذٌ مِنْ كَبَدِ الدُّنْيَا، وَعَوْنٌ عَلَى أَهْوَالِهَا، وَجَلَدٌ عَلَى أَحْوَالِهَا إِلا بِالاعْتِصَامِ بِاللهِ عزَّ وجلَّ، واللَّوْذِ بِهِ، وَسُؤَالِهِ الْعَافِيَةَ، الَّتِي يَسْلَمُ بِهَا مِنَ الآَفَاتِ، وَيَتَّقِي بِهَا المَصَائِبَ والملمَّاتِ، ويَتَحَصَّنُ بِهَا مِنَ الشُّرُورِ والنَّكَبَاتِ، فَفِي السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ عَلَى المِنْبَرِ عَامَ الأوَّلِ، ثمَّ بَكَى، فقالَ: (سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ اليَقِينِ خَيرًا مِنَ الْعَافِيةِ) أخرجه الترمذي (3558) وصححه الألباني.
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وَالْعَافِيَةُ نِعْمَةٌ عظيمَةٌ، لا تَتِمُّ سَعَادَةُ الْعَبْدِ إلا بِهَا، وَمَا لَبِسَ الْعَبْدُ لِبَاسًا في الدُّنْيَا، أَجْمَلَ مِنْ لِبَاسِ الْعَافِيَةِ، وَالْعَافِيَةُ شَأْنُهَا كَسَائِرِ النِّعَمِ، يَأْلَفُهَا مَنْ وَجَدَهَا، وَيَعْرِفُ قَدْرَهَا مَنْ فَقَدَهَا، وَهِيَ لا تَقْتَصِرُ فَقَطْ عَلَى عَافِيَةِ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَافِيَةُ الدِّينِ والدُّنْيَا، والسَّلامَةُ في الْعَاجِلَةِ، والنَّجَاةُ في الآَخِرَةِ.
عِبَادَ اللهِ: وعَافِيَةُ الْبَدَنِ يَسْلَمُ بِهَا جَسَدُ الْعَبْدِ مِنَ الآَفَاتِ، وَيَقْوَى بِهَا عَلَى الطَّاعَاتِ وَعَافِيَةُ الدِّينِ: تَحْفَظُ عَلَى المرْءِ قَلْبَهُ أَنْ يَضِلَّ أَوْ يَنْحَرِفَ، وَتُثَبِّتُ عَلَى الإِيمَانِ أَقْدَامَهُ أَنْ تَزِلَّ أَوْ تَنْجَرِفَ، فَفِي السُّنَنِ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِالمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، علِّمني شيئًا أسألُهُ اللَّهَ، قَالَ: (سَلِ اللَّهَ العافِيةَ) فمَكثتُ أيَّامًا ثمَّ جئتُ فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، علِّمني شيئًا أسألُهُ اللَّهَ، فقالَ لي: (يا عبَّاسُ يا عمَّ رسولِ اللَّهِ، سلِ اللَّهَ العافيةَ في الدُّنيا والآخرةِ) أخرجه الترمذي (3514) وصححه الألباني.
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وَسُؤَالُ اللهِ الْعَافِيَةَ: عُدَّةُ المؤْمِن فِي دَفْعِ كُلِّ ضُرٍّ، وَجَلْبِ كُلِّ خَيرٍ، وَالْفَطِنُ اللَّبِيبُ لا يَخْلُو يَوْمُهُ مِنْ سُؤَالِ الْعَافِيَةِ فِي أَوْرَادِهِ وَأَذْكَارِهِ، وَقَرَارِهِ وَتِرْحَالِهِ وَلَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: يَا رَسولَ اللهِ: كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قالَ ﷺ: (قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وارْحَمْنِي، وَعافِنِي، وارْزُقْنِي. وَيَجْمَعُ أَصابِعَهُ إلّا الإبْهامَ؛ فإنَّ هَؤُلاءِ تَجْمَعُ لكَ دُنْياكَ وَآخِرَتَكَ) أخرجه مسلم (2697).
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ سُؤَالَ اللهِ الْعَافِيَةَ، ضَرُورَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، فَبِهَا تَسُوغُ الْحَيَاةُ، وَيَطِيبُ عَيْشُهَا، وَبِدُونِهَا تَترَاكَمُ عَلَى الْعَبْدِ الآَفَاتُ، وَتُلازِمُهُ الابْتِلاءَاتُ، وَتَدُورُ مَعَهُ المشَاغِلُ والمَصَاعِبُ وَالمُشْكِلاتُ، فَلا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ وَاحِدَةٍ، حَتَّى تُلْجِمُهُ غَيْرُهَا، وَلِذَا (كَانَ الرَّجُلُ إذا أَسْلَمَ، عَلَّمَهُ النَّبيُّ ﷺ الصَّلاةَ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بهَؤُلاءِ الكَلِماتِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وارْحَمْنِي، واهْدِنِي، وَعافِنِي، وارْزُقْنِي) أخرجه مسلم (2697).
عِبَادَ اللهِ: وَسُؤَالُ اللهِ الْعَافِيَةَ، أَفْضَلُ وَأَحَبُّ مَا سَأَلَهُ الْعَبْدُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ، قَالَ ﷺ: (مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلُ مِنْ اللَّهمَّ إنِّي أسألُك المعافاةَ في الدُّنيا والآخرةِ) أخرجه ابن ماجه (3120) وصححه الألباني.  وَلِذَا كَانَ ﷺ لا يَغْفَلُ عَنْهَا فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، ففي السننِ: (لَمْ يَكُنْ رسولُ اللهِ ﷺ يَدَعُ هؤلاءِ الدعواتِ حينَ يُمسي، وحينَ يُصبِحُ: اللهم إني أسألُكَ العافيةَ في الدُّنْيَا والآخرةِ، اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استرْ عوراتي وآمنْ روْعاتي، اللهم احفظْني مِن بين يديَّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي) أخرجه أبو داود (5074) وصححه الألباني.
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وَقَدْ عَلِمَتْ أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا هَذَا المَعْنَى فَقَالَتْ: (لَوْ عَلِمْتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدْرِ لكانَ أكثرُ دُعَائِي فِيهَا أَنْ أَسْأَلَ اللهَ الْعَفْوَ والْعَافِيَةَ) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (10648) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (7/1011)
عِبَادَ اللهِ: وَسُؤَالُ اللهِ الْعَافِيَةَ عَامٌّ فِي سَائِرِ الأَوْقَاتِ والأَحْوَالِ، لَكِنَّهُ يُسَنُّ في أَحْوَالٍ مِنْهَا: عند اسْتِفْتَاحِ الصَّلاةِ، فقدْ كانَ النبيُّ يَسْتَفْتِحُ صَلاةَ اللَّيْلِ بِقَوْلِهِ: (اللَّهمَّ اغفر لي واهْدِنِي وارْزُقْنِي وَعَافِنِي) أخرجه ابن ماجة (1356) وصححه الألباني (1123) وَكَذَا بَيْنَ السَّجْدَتَينِ، وَفِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ؛ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الْوِتْرِ بِقَوْلِهِ: (اللَّهمَّ اهدِنا فيمَنْ هدَيْتَ وعافِنا فيمَنْ عافَيْتَ وتولَّنا فيمَنْ تولَّيْتَ) أخرجه النسائي (5711) وكذا في أذكارِ اليومِ والليلةِ.
أَيُّهَا المؤْمِنُونَ: وَمِمَّا يَخْلَعُ عَن المَرْءِ ثَوْبَ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا، المُجَاهَرَةُ بِالذُّنُوبِ لِمَنْ سَتَرَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ، فَأَبَى هُوَ إِلا أَنْ يَجْهَرَ بِذَنْبِهِ، وَيَهْتِكَ سِتْرَ رَبِّهِ، قَالَ ﷺ : (كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلّا المُجاهِرِينَ) أخرجه مسلم (2990). أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران: [8]. بَارَكَ اللهُ لي ولكم فِي الْوَحْيَيْنِ، وَنَفَعَنَي وَإِيَّاكُم بِهَدْيِ خَيْرِ الثَّقَلَيْنِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أمَّا بَعْدُ فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ: وَاعْلَمُوا أنَّ سؤالَ اللهِ الْعَافِيَة، حِصْنُ المؤْمِن مِنَ الْفِتَنِ وَالْبَلايَا، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بِن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبيَّ ﷺ مَرَّ بِقَوْمٍ مُبْتَلَينَ فَقَالَ: (أمَا كَانَ هَؤُلاءِ يَسْأَلُونَ اللهَ الْعَافِيَةَ) أخرجه البزار (6643) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2197). فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ عَلِمَ مَكَانَةَ الْعَافِيَةَ وَقَدْرَهَا، وَأَهَمِّيَّتَهَا وَفَضْلَهَا، أَلا يُمْسِكَ لِسَانَهُ عَن الدُّعَاءِ بِهَا، والمُدَاوَمَةِ عَلَى ذِكْرِهَا، وَتَلَمُّسِ أَسْبَابِهَا وَكَيْفَ لِعَاقِلٍ أَحَاطَتْ بِهِ مُصِيبَةٌُ، أَوْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ، أَوْ أَلَمَّتْ بِهِ حَاجَةٌ، أَنْ يَغْفَلَ عَنْ سُؤَالِ اللهِ الْعَافِيَةَ، فَيَسْتَدْفِعُ المِحَن النَّازِلَةَ، بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ الْكَافِيَةِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، وَالْمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ في الدُّنْيَا والآَخِرَةِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمشْرِكِينَ، وانْصُرْ عِبَادَكَ الموَحِّدِينَ، اَللَّهُمَّ أمِّنا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللهم وَفِّق وَلِيَّ أَمْرِنَا خادمَ الْحَرَمَيْنِ الشريفينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وِإِخْوَانَهُ وَأَعْوَانَهُ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَسَلِّمْهُمْ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَشَرٍّ. اللَّهُمَّ احْفَظْ رِجَالَ الأَمْنِ، والمُرَابِطِينَ عَلَى الثُّغُورِ. اللَّهُمَّ ارْحَمْ هذَا الْجَمْعَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمؤْمِنَاتِ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِهِمْ، وآَمِنْ رَوْعَاتِهِمْ وارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ في الجناتِ واغْفِرْ لَهُمْ ولآبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، واجْمَعْنَا وإيَّاهُمْ ووالدِينَا وإِخْوَانَنَا وذُرِّيَّاتِنَا وَأَزْوَاجَنَا وجِيرَانَنَا ومشايخَنَا وَمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا في جَنَّاتِ النَّعِيمِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
                                                                                                                        الجمعة 2 /5 /1447هـ

المشاهدات 56 | التعليقات 0