شرف العبودية لله عز وجل. خطبة الاستسقاء بتاريخ 22/5/1447هـ
أ.د عبدالله الطيار
1447/05/24 - 2025/11/15 08:58AM
.
الحمدُ للهِ الحَكِيمِ المجِيدِ (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ يَحْكُمُ مَا يَشَاءُ، وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ: فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، وتُوبُوا إليهِ واسْتَغْفِرُوهُ واطْلُبُوا رِضَاهُ بِطَاعَتِهِ، وفِرُّوا مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إلى سِعَةِ رَحْمَتِهِ (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) الذاريات: [50-51].
أيُّهَا المؤمنُونَ: إِنَّ أَسْمَى مَا يَرْفَعُ بِهِ المسلمُ قَامَتَهُ في هذه الدُّنْيَا، هو شَرَفُ العُبُودِيَّةِ للهِ عزَّ وجلَّ، فهيَ أصْلُ كُلّ رِفْعَةٍ وَسَنَاء، وَمَصْدَرُ كُلّ فَخْرٍ وَعَلاء، ومُوجِبُ كُلّ عِزٍّ وَإِبَاء.
عِبَادَ اللهِ: وأَلْصَقُ صِفَةٍ بِالْعَبْدِ هِيَ الضَّعْفُ والْفَقْرُ، فَالْعَبْدُ في جَمِيعِ شُؤُونِهِ وشَتَّى أُمُورِهِ، لا يَسْتَغْنِى عَنْ مَوْلاهُ، قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فاطر: [15] واللهُ يَعْلَمُ ضَعْفَ عِبَادِهِ، وَحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ وَفَقْرِهِمْ إِلَى رَحْمَتِهِ، قالَ سُبْحَانَهُ: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) الأنفال: [69].
عِبَادَ اللهِ: والمَطَرُ آيةٌ مِنْ آَيَاتِ اللهِ عزّ وجلّ، تنطق بوحدانيتِهِ وحكمتِهِ، يصيب ُبهِ مَنْ يشاءُ، ويصْرِفُهُ عنْ مَنْ يَشَاءُ، يَنْزِلُ بِأَمْرِهِ، وَيَتَحَرَّكُ بِإِذْنِهِ، قالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) النور: [43] قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما: (ليسَ عامٌ بأكثرَ مطراً من عام ولكنَّ الله يُصرِّفُه كيفَ يشاءُ، ثم قرأَ قولَ اللهِ تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) الفرقان:[50]
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وَالْمَطَرُ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، لا تُرْفَعُ إلا بِذَنْبٍ، وَلا تَنْزِلُ إِلا بِتَوْبَةٍ قَالَ تَعَالى:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الروم: [41]. وَتَأَخُّرُ نُزولِ المطَرِ مُوجِبٌ أَنْ يَتَحَلَّى العبد بِثَوْبِ الْعُبُودِيَّةِ لِخَالِقِهِ سُبْحَانَهُ، بِلُزُومِ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ حَدُودِهِ قَالَ تَعَالَى: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) الجن: [16].
عِبَادَ اللهِ: ولما شَكا النَّاسُ إلى النَّبِيِّ ﷺ قُحُوطَ المطرِ فأمرَ بمنبرٍ فوُضِعَ لَه في المصلَّى ووعدَ النَّاسَ يومًا يخرُجونَ فيهِ، فخرجَ ﷺ حينَ بدا حاجبُ الشَّمسِ فقعدَ علَى المنبرِ فَكَبَّرَ، وحمدَ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ثمَّ قالَ: إنَّكم شَكَوتُمْ جدبَ ديارِكُم واستئخارَ المطرِ عن إبَّانِ زمانِهِ عنكُم وقد أمرَكُمُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أن تدعوهُ ووعدَكُم أن يستجيبَ لَكُم.. ثمَّ رفعَ يدَيهِ فلم يزَل في الرَّفعِ حتَّى بدا بياضُ إبطيهِ ثمَّ حوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ وقلبَ أو حوَّلَ رداءَهُ وَهوَ رافعٌ يدَيهِ ثمَّ أقبلَ علَى النَّاسِ ونزلَ فصلَّى رَكعتَينِ فأنشأ اللَّهُ سحابةً فرعَدَت وبرِقَتْ ثمَّ أمطرَتْ بإذنِ اللَّهِ فلم يأتِ مسجدَهُ حتَّى سالتِ السُّيولُ فلمَّا رأى سرعتَهُم إلى الكِنِّ- ما يحتمون به من المطر- ضحِكَ ﷺ حتَّى بدَت نواجذُهُ فقالَ أشهدُ أنَّ اللَّهَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ وأنِّي عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ) أخرجه أبو داود (1173) وصححه الألباني.
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وكانَ النبيِّ ﷺ إذَا خَرجَ يستسقي خَرَجَ متذللاً متواضِعًا، ففي الحديث: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ للاستسقَاءِ مُتَذَلِلاً مُتَواضِعاً مُتَخَشِعاً مُتَضَرِعاً) أخرجه أبو داود (1165) حسنه الألباني في إرواء الغليل (669). وكان إذا استسقى، قَلَبَ رِدَاءَهُ، واسْتَقبَل القبلةَ، وَدَعَا ربَّهُ، وَأَطَالَ الدُّعَاءَ.
أيُّهَا المؤمنونَ: تَوَجَّهُوا إِلى اللهِ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ، تخْلَعُونَ بِهَا ذُنُوبَكُمْ، وَتَرْجُونَ بِهَا رَحْمَةَ رَبِّكُمْ، انْكَسِرُوا عَلَى بَابِهِ، وانْطَرِحُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وارْفَعُوا أَكُفَّكُمْ إِلَيْهِ، واسْأَلُوهُ مِنْ فَضْلِهِ، وأَكْثِرُوا مِنْ اسْتِغْفَارِهِ وشُكْرِهِ، وأَبْشِرُوا بِالْخَيرِ والبَرَكَةِ، فَرَبُّكُمْ حَيِيٌّ كريمٌ يَسْتَحِيي مِنْ عبدِه إذَا رَفَعَ يَديه إليه أَنْ يردَّهما صِفرًا.
أستَغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلَهَ إلّا هُوَ الحيَّ القَيُّومَ وأَتوبُ إليه، أستَغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلَهَ إلّا هُوَ الحيَّ القَيُّومَ وأَتوبُ إليه، أستَغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلَهَ إلّا هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وأَتوبُ إليه، الَّلهم أنتَ اللهُ لا إلَه إلا أنتَ أنتَ الغنيُّ ونحنُ الفقراءُ، أَنْزِل علينَا الغيثَ ولا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، الَّلهُمَّ أَغِثْنَا الَّلهُمَّ أَغِثْنَا، الَّلهُمَّ أَغِثْنَا، الَّلهُمَّ أَسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا، طَبَقًا مُجَللًا، سَحًّا عَامًّا، نَافعًا غَيرَ ضَارٍّ، عَاجلًا غَيرَ آجلٍ، اللَّهُمَّ تُحيْيِ بِهِ الْبِلادَ، وتغيثُ بِهِ العبادَ، وتجعلُه بلاغًا للحاضرِ والبادِ، الَّلهم سُقيا رحمةٍ، لا سُقيَا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ، الَّلهم أسْقِ عبادكَ وبلادَك وبهائَمكَ وانْشرْ رحمتَك، وأَحْي بلدَك الميِّتْ، الَّلهم أَنْبِتْ لنَا الزرعَ، وأدرَّ لنا الضرعَ، وأَنْزلْ علينَا من بركاتِك، واجعلْ ما أَنْزلتَه علينَا قوةً لنا على طاعتِك، وبلاغًا إلى حينٍ، الُّلهم إنَّا خلقٌ من خَلقِك فلا تمنعْ عنَّا بذنوبِنَا فضلكَ، الَّلهم يا مَنْ وسعتْ رحمتُه كلَّ شيءٍ، ارحمْ الشيوخَ الركَّعَ والأطفالَ الرضَّعَ والبهائمَ الرُّتَّعَ وارحمْ الخلائقَ أجمعْ، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.
وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.
الحمدُ للهِ الحَكِيمِ المجِيدِ (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ يَحْكُمُ مَا يَشَاءُ، وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ: فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، وتُوبُوا إليهِ واسْتَغْفِرُوهُ واطْلُبُوا رِضَاهُ بِطَاعَتِهِ، وفِرُّوا مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إلى سِعَةِ رَحْمَتِهِ (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) الذاريات: [50-51].
أيُّهَا المؤمنُونَ: إِنَّ أَسْمَى مَا يَرْفَعُ بِهِ المسلمُ قَامَتَهُ في هذه الدُّنْيَا، هو شَرَفُ العُبُودِيَّةِ للهِ عزَّ وجلَّ، فهيَ أصْلُ كُلّ رِفْعَةٍ وَسَنَاء، وَمَصْدَرُ كُلّ فَخْرٍ وَعَلاء، ومُوجِبُ كُلّ عِزٍّ وَإِبَاء.
عِبَادَ اللهِ: وأَلْصَقُ صِفَةٍ بِالْعَبْدِ هِيَ الضَّعْفُ والْفَقْرُ، فَالْعَبْدُ في جَمِيعِ شُؤُونِهِ وشَتَّى أُمُورِهِ، لا يَسْتَغْنِى عَنْ مَوْلاهُ، قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فاطر: [15] واللهُ يَعْلَمُ ضَعْفَ عِبَادِهِ، وَحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ وَفَقْرِهِمْ إِلَى رَحْمَتِهِ، قالَ سُبْحَانَهُ: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا) الأنفال: [69].
عِبَادَ اللهِ: والمَطَرُ آيةٌ مِنْ آَيَاتِ اللهِ عزّ وجلّ، تنطق بوحدانيتِهِ وحكمتِهِ، يصيب ُبهِ مَنْ يشاءُ، ويصْرِفُهُ عنْ مَنْ يَشَاءُ، يَنْزِلُ بِأَمْرِهِ، وَيَتَحَرَّكُ بِإِذْنِهِ، قالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) النور: [43] قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما: (ليسَ عامٌ بأكثرَ مطراً من عام ولكنَّ الله يُصرِّفُه كيفَ يشاءُ، ثم قرأَ قولَ اللهِ تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) الفرقان:[50]
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وَالْمَطَرُ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، لا تُرْفَعُ إلا بِذَنْبٍ، وَلا تَنْزِلُ إِلا بِتَوْبَةٍ قَالَ تَعَالى:(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الروم: [41]. وَتَأَخُّرُ نُزولِ المطَرِ مُوجِبٌ أَنْ يَتَحَلَّى العبد بِثَوْبِ الْعُبُودِيَّةِ لِخَالِقِهِ سُبْحَانَهُ، بِلُزُومِ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ حَدُودِهِ قَالَ تَعَالَى: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) الجن: [16].
عِبَادَ اللهِ: ولما شَكا النَّاسُ إلى النَّبِيِّ ﷺ قُحُوطَ المطرِ فأمرَ بمنبرٍ فوُضِعَ لَه في المصلَّى ووعدَ النَّاسَ يومًا يخرُجونَ فيهِ، فخرجَ ﷺ حينَ بدا حاجبُ الشَّمسِ فقعدَ علَى المنبرِ فَكَبَّرَ، وحمدَ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ثمَّ قالَ: إنَّكم شَكَوتُمْ جدبَ ديارِكُم واستئخارَ المطرِ عن إبَّانِ زمانِهِ عنكُم وقد أمرَكُمُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أن تدعوهُ ووعدَكُم أن يستجيبَ لَكُم.. ثمَّ رفعَ يدَيهِ فلم يزَل في الرَّفعِ حتَّى بدا بياضُ إبطيهِ ثمَّ حوَّلَ إلى النَّاسِ ظَهْرَهُ وقلبَ أو حوَّلَ رداءَهُ وَهوَ رافعٌ يدَيهِ ثمَّ أقبلَ علَى النَّاسِ ونزلَ فصلَّى رَكعتَينِ فأنشأ اللَّهُ سحابةً فرعَدَت وبرِقَتْ ثمَّ أمطرَتْ بإذنِ اللَّهِ فلم يأتِ مسجدَهُ حتَّى سالتِ السُّيولُ فلمَّا رأى سرعتَهُم إلى الكِنِّ- ما يحتمون به من المطر- ضحِكَ ﷺ حتَّى بدَت نواجذُهُ فقالَ أشهدُ أنَّ اللَّهَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ وأنِّي عبدُ اللَّهِ ورسولُهُ) أخرجه أبو داود (1173) وصححه الألباني.
أيُّهَا المؤْمِنُونَ: وكانَ النبيِّ ﷺ إذَا خَرجَ يستسقي خَرَجَ متذللاً متواضِعًا، ففي الحديث: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ للاستسقَاءِ مُتَذَلِلاً مُتَواضِعاً مُتَخَشِعاً مُتَضَرِعاً) أخرجه أبو داود (1165) حسنه الألباني في إرواء الغليل (669). وكان إذا استسقى، قَلَبَ رِدَاءَهُ، واسْتَقبَل القبلةَ، وَدَعَا ربَّهُ، وَأَطَالَ الدُّعَاءَ.
أيُّهَا المؤمنونَ: تَوَجَّهُوا إِلى اللهِ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ، تخْلَعُونَ بِهَا ذُنُوبَكُمْ، وَتَرْجُونَ بِهَا رَحْمَةَ رَبِّكُمْ، انْكَسِرُوا عَلَى بَابِهِ، وانْطَرِحُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، وارْفَعُوا أَكُفَّكُمْ إِلَيْهِ، واسْأَلُوهُ مِنْ فَضْلِهِ، وأَكْثِرُوا مِنْ اسْتِغْفَارِهِ وشُكْرِهِ، وأَبْشِرُوا بِالْخَيرِ والبَرَكَةِ، فَرَبُّكُمْ حَيِيٌّ كريمٌ يَسْتَحِيي مِنْ عبدِه إذَا رَفَعَ يَديه إليه أَنْ يردَّهما صِفرًا.
أستَغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلَهَ إلّا هُوَ الحيَّ القَيُّومَ وأَتوبُ إليه، أستَغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلَهَ إلّا هُوَ الحيَّ القَيُّومَ وأَتوبُ إليه، أستَغفِرُ اللهَ الَّذي لا إلَهَ إلّا هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وأَتوبُ إليه، الَّلهم أنتَ اللهُ لا إلَه إلا أنتَ أنتَ الغنيُّ ونحنُ الفقراءُ، أَنْزِل علينَا الغيثَ ولا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، الَّلهُمَّ أَغِثْنَا الَّلهُمَّ أَغِثْنَا، الَّلهُمَّ أَغِثْنَا، الَّلهُمَّ أَسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا، طَبَقًا مُجَللًا، سَحًّا عَامًّا، نَافعًا غَيرَ ضَارٍّ، عَاجلًا غَيرَ آجلٍ، اللَّهُمَّ تُحيْيِ بِهِ الْبِلادَ، وتغيثُ بِهِ العبادَ، وتجعلُه بلاغًا للحاضرِ والبادِ، الَّلهم سُقيا رحمةٍ، لا سُقيَا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ، الَّلهم أسْقِ عبادكَ وبلادَك وبهائَمكَ وانْشرْ رحمتَك، وأَحْي بلدَك الميِّتْ، الَّلهم أَنْبِتْ لنَا الزرعَ، وأدرَّ لنا الضرعَ، وأَنْزلْ علينَا من بركاتِك، واجعلْ ما أَنْزلتَه علينَا قوةً لنا على طاعتِك، وبلاغًا إلى حينٍ، الُّلهم إنَّا خلقٌ من خَلقِك فلا تمنعْ عنَّا بذنوبِنَا فضلكَ، الَّلهم يا مَنْ وسعتْ رحمتُه كلَّ شيءٍ، ارحمْ الشيوخَ الركَّعَ والأطفالَ الرضَّعَ والبهائمَ الرُّتَّعَ وارحمْ الخلائقَ أجمعْ، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.
وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.