شر السمع
مالك البوم
أغرقنا ربنا الكريم بالنعم وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها
ومن أعظم م أنعم الله به عليك النعمة التي تسمعني بها الآن وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ
هي نعمة سنسأل عنها كما باقي النعم
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ثم لتسألن يومئذ عن النعيم
نعم سنسأل حتى عن ما نسمعه
وقد أمرنا ربنا بالاستماع لما ينفعنا وَاتَّقُوا اللّهَ وَاسْمَعُواْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فمنا من استجاب وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ولن نشرك بربنا أحدا وحرم أهل الكفر من نعمة السمع فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
فكن أخي المسلم كثير السمع والطاعة إذا سمعت النداء فأجب داعي الله حي على الصلاة، حي على الفلاح إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول إذا سمعتم صياح الديكة فسألوا الله من فضله إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا من سمع بالدجال فلينأ عنه
ومن أعظم ما يقربك سماعه من الله ويزيد في أجرك ويسوق روحك إلى ديار الأفراح هو سماع كلام الله ولذلك كان رسول الله ﷺ يأمر أحد الصحابة أن يقرأ فيسمع لقراءته، ويقول: إني أحب أن أسمعه من غيري وكانت طريقة الصحابة رضوان الله عليهم في سماعهم للقرآن إذا جلسوا في جماعة: أن يتحلقوا فيأمروا واحدًا منهم يقرأ، ثم يستمع الباقون وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ "وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ"
وأما من امتلأ قلبه من محبة الشياطين واللهو، فإنه يقبل على سماع اللهو والغناء، وحرام على قلب قد تربى على غذاء السماع الشيطاني أن يجد من ذلك في سماع القرآن وما اجتمع في قلب عبد محبة الغناء ومحبة القرآن إلا طردت إحداهما الأخرى فاترك معازف الشيطان لله واعلم أن الله يعوض أهل الجنة الذين منعوا أنفسهم من استماع الأغاني والملاهي في الدنيا بسماع الأغاني من الحور العين يوم القيامة في الجنة التي لا تقارن بغناء وأصوات أهل الدنيا فنسأل الله من فضله فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد
المسموعات أنواع منها مسموع يحبه الله ويرضاه مثل سماع القرآن وسماع الذكر والعلم
«نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا، فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ»
ومنها مسموعات مذمومة كمن يعير سمعه لأعداء الله ليسمع منهم الشبهات حول دين الله والوشاة الذين يريدون تفريق وحدة الصف الإسلامي وأيضا سماع أهل الضلال الديني من أصحاب الخرافات والمعتقدات الباطلة والجلوس في مجالس الغيبة والنميمة ومصاحبة أهل الكلام البذيء الفاحش {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} ومنكم سماعون لهم
يقول صلىمَنْ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أي الرصاص المذاب فاحذر
يقول نبينا صلى الله عليه وسلم وَالْأُذُنُ زِنَاهَا الِاسْتِمَاعُ
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}
وما أحسن أن تسمع شكوى أخيك المسلم فإن كان مهموماًُ فرجت عنه وإن كان مظلوما ساعدته في أخذ حقه فكم في السماع من الأجر
واستعذ دائما من شر سمعك قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ؟ قَالَ: فَأَخَذَ بِكَتِفِي، فَقَالَ: "قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي
فنسأل الله الكريم أن يحفظنا وذرياتنا وأهلينا في أسماعنا وأبصارنا وقواتنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يهدينا إليه جميعاً صراطاً مستقيما.
المرفقات
1763110649_عيوب الآذان.docx
1763110649_عيوب الآذان.pdf