شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ 1447هـ
محمد البدر
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾.وَقَال تَعَالَى:﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾.وَقَالَﷺ:«إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ،وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ،فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ومنها شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَمِنْ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ قَالَﷺ:«أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيّ-رَحِمَهُ اللهُ:إِنَّمَا كَانَ صَوْم الْمُحَرَّمُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ من أجل أَنه أول السّنة المستأنفة فَكَانَ استفتاحها بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَعْمَال.إلخ.فسارعوا إلى الخيرات وأكثروا من الدعاء والاستغفار، وتزودوا من الطاعات.
عِبَادَ اللَّهِ:فِي هَذَا الشَهْرُ ابْتِدَا التَارِيخِ الْهِجْري قَالَ الحَافِظِ بْنِ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ:وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ جَعَلُوا ابْتِدَاءَ التَّارِيخِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ سَنَةِ الْهِجْرَةِ،وَجَعَلُوا أَوَّلَهَا مِنَ الْمُحَرَّمِ،فِيمَا اشْتُهِرَ عَنْهُمْ،وَهَذَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ.ا.هـ.
عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.إن شهركم هذا شهر نصر وعز لنبي الله موسى وقومه على فرعون الطاغية المتجبر على رغم كثرة عددهم وعدتهم وخيلائهم،فنسأل الله ان ينصر المستضعفين من المسلمين في مكان و أن يعز دينه ويعلي كلمته.
أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ,وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللهِ :قَالَ تَعَالَى:﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾. وَقَالَﷺ«إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا»متفقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ«شِرَارُ أُمَّتِي الثَّرْثَارُونَ، الْمُشَّدِّقُونَ،الْمُتَفَيْهِقُونَ،وَخِيَارُ أُمَّتِي أَحَاسِنُهُمْ أَخْلَاقًا»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ«أَكْمَلُ النَّاسِ إِيمَانًا أَحَاسِنُهُمْ أَخْلاقًا،الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا،الَّذِينَ يَألَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ،وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَألَفُ وَلَا يُؤْلَفُ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.ففي هذه الأيام نجد الكثير من الأبناء يفتقدون الى القدوة الصالحة وإلى التربية الصحيحة،فالأب مشغولٌ بالمعاش وتوفير المال والغذاء والسكن والأم تزاحم الرجال في الأعمال و تكثر من الخرجات والولجات فأصبح الأبناء لقمة سائغة لأهل السوء والجماعات والأحزاب المنحرفة،لذلك فقدنا الاحترام فيما بيننا فلا احترامٌ ولا طاعة للوالدين ولا لكبار السن ولا لولاة الأمر ولا للعلماء ولا للمدراء ولا للزملاء ولا للأصحاب،كذلك فقدنا الاحترام بين الأستاذ وتلاميذه،وبين التاجر والمشتري،وبيْن الرَّجُل والمرأة وأولادهم،وبين الأرْحام والجِيران،كذلك في هذه الأيام نجد من ينقض العهود ويخلف الوعود ويخون ويغدر ويكذب ويداهن وينم ويغتاب ويؤذي جيرانه ويسعى بالوشاية بين الناس ويبطش بهذا وذاك ويسيء إلى العمال ويأكل أموال الناس بالباطل وبل أن البعض لا يتورع عن ضرب العمال والخدم والاستهزاء والسخرية بهم بل ويقذف هذا وذاك،فاتَّقوا الله تَعالى حقَّ التّقوَى،وربُّوا الأبناءَ والبنات على التربيَة الصالحة النافعة واحرصوا على تعليمهم كل خير وفضيلة وأخلاق كريمة،والخصال الحميدة.
الا وصلوا عِبَادَ اللهِ على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ،وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَاحْفَظْ اللّهمّ وَلِيَّ أَمْرِنَا،وَأَيِّدْه بِالْحَقِّ ،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَالنَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ،واصرِفْ عَنهُ بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ
يَزِدْكُمْ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
المرفقات
1750296160_شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ 1447هـ.pdf