طاعة الله والسعادة الزوجية

 

إِنَّ الحمدَ للهِ؛ نَحمَدُهُ ونَستَعِينُهُ ونَستهْدِيهِ، ونَعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أَنفُسِنا وسيِّئاتِ أَعمالِنا، مَن يَهدِهِ اللهُ فَهُوَ المُهتَدِي، ومَن يُضلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرشِدًا، وأَشهَدُ أن لا إِلـهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأَشهَدُ أنَّ محمّدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ صلّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ أَجمعينَ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعدُ، إخوةَ الإيمانِ..

الزَّواجُ مِن نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ على عِبادِهِ، كما قال سبحانه وتعالى:﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: ٢١].

والرَّغبةُ في النِّكاحِ سُنَّةُ الأَنبياءِ والمُرسَلينَ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38].

وَالزَّوَاجُ طَاعَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، يَتَحَقَّقُ بِهِ العُبُودِيَّةُ لِلَّهِ تَعَالَى، الَّتِي هِيَ غَايَةُ الوُجُودِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْهَا سُبْحَانَهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].

وبالزَّواجِ يَحصُلُ للزَّوجَيْنِ العفافُ وغَضُّ البَصَرِ وحِفظُ الفَرجِ بما أباحَهُ اللهُ، وتتحقَّقُ عباداتٌ كثيرةٌ؛ مِنها الأجرُ على المُعاشَرةِ والنفقةِ، وحُسنُ العِشرةِ، وبِناءُ بيتٍ مُسلِمٍ معمورٍ بذِكرِ اللهِ، ونَيلُ بركةِ الولدِ الصالحِ، مع ما في ذلك كلِّه من صبرٍ واحتسابٍ وأجرٍ عظيمٍ.

وَفِي المُقَابِلِ، فَإِنَّ العُزُوفَ عَنِ الزَّوَاجِ أَوْ تَأْخِيرَهُ مَدْخَلٌ لِلشَّرِّ عَلَى المَرْءِ، يَسْتَجْلِبُ عَلَيْهِ أَنْوَاعَ الفِتَنِ، حَتَّى يَغْرَقَ فِي الشَّهَوَاتِ، وَيَقَعَ فِي المَعَاصِي وَالحَرَامِ، فَيُطْلِقَ بَصَرَهُ، وَتَضْعُفَ عِفَّتُهُ، وَيُفَرِّطَ فِي عِرْضِهِ.

عباد الله.. وَمِنْ أَعْظَمِ السَّعَادَةِ صَلَاحُ الزَّوْجَيْنِ، وَاسْتِقَامَتُهُمَا عَلَى طَاعَةِ اللهِ، وَصَلَاحُ ذُرِّيَّتِهِمَا، وَقِيَامُهُمَا بِأَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى، وَاجْتِنَابُهُمَا مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ.

واجتِماعُ الزَّوجَيْنِ على ما يُرضي اللهَ تعالى هو أَعظمُ أَساسٍ لِبِناءِ السَّعادةِ في الأُسرةِ المُسلِمةِ، فاللهُ وحدَهُ هو الذي يُؤلِّفُ بَينَ القُلوبِ ويَجمعُ بَينَها، وطاعَتُهُ لها أَثَرٌ كبيرٌ في قِيامِ الأُلفةِ والمحبَّةِ، والتَّوافُقِ بَينَ الزَّوجَيْنِ.

ولَمّا كانتِ البُيوتُ لا تَستَقِرُّ ولا تَأنَسُ إلّا بِطاعَتِها للهِ تعالى، أَرشَدَ النَّبيُّ ﷺ مَن يُريدُ الزَّواجَ أن يُقدِّمَ الدِّينَ حالَ اختِيارِهِ الزَّوجةَ، لأنَّ الجَمالَ والمالَ والنَّسَبَ مع غِيابِ الدِّينِ تكونُ وَبالًا على الحَياةِ الزَّوجيَّةِ، يَقولُ ﷺ: " تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداك" متفق عليه.

فَالتَّدَيُّنُ سَبَبٌ لِلسَّعَادَةِ، وَمُؤَشِّرٌ عَلَى الاسْتِقْرَارِ، وَقَدْ وَصَفَ النَّبِيُّ ﷺ الزَّوْجَةَ الصَّالِحَةَ فَقَالَ: "خَيْرُ نِسَائِكُمْ مَنْ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا زَوْجُهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ" رواه أبو داود والحاكم.

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَضْمَنُ لِلْبُيُوتِ سَعَادَتَهَا وَاسْتِقْرَارَهَا: أَنْ تُبْنَى عَلَى طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَهَذِهِ المَسْؤُولِيَّةُ يَتَقَاسَمُهَا الزَّوْجَانِ جَمِيعًا، غَيْرَ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمَسْؤُولُ الأَوَّلُ وَالرَّاعِي الأَكْبَرُ. قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

فعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَكُونَ رَاعِيًا لِأَهْلِهِ، يَأْخُذُ بِأَيْدِيهِمْ إِلَى طَاعَةِ اللهِ، فَيُعَلِّمُهُم فَرَائِضَهُ، وَيَنْهَاهُم عَمَّا حَرَّمَهُ، وَيُؤَدِّبُهُم، ويُرشِدَهم لكلِ خَيرٍ، وَيَجْتَهِدُ – بِحَسَبِ طَاقَتِهِ – فِي أَنْ يَكُونَ سَبَبًا فِي نَجَاتِهِمْ مِنَ النَّارِ.

ولِأَهمِّيَّةِ صَلاحِ المَرأةِ، أرشْدَ ﷺ إلى عَدمِ مَنعِ المَرأةِ مِن شُهودِ المَساجِدِ لِأَجلِ الصَّلاةِ والتَّفَقُّهِ في الدِّينِ، قالَ ﷺ: "لا تَمنَعوا إِماءَ اللهِ مَساجِدَ اللهِ" متفق عليه.

وكانَ النَّبيُّ ﷺ يُعَلِّمُ نِساءَهُ وأَهلَ بَيتِهِ، ويَعِظُهُم ويُوَجِّهُهُم، فكانَ ﷺ يَقولُ لِعائشةَ رضيَ اللهُ عنها مُرشِدًا إيَّاها إلى الأَخذِ بأَسبابِ الوِقايةِ مِنَ العَذابِ بتَركِ الذُّنوبِ كَبيرِها وصَغيرِها، فَقالَ: "يا عائشةُ، إيّاكِ ومُحَقَّراتِ الذُّنوبِ، فإنَّ لَها مِنَ اللهِ طالِبًا" رواه ابن ماجه وأحمد.

وَكَانَ ﷺ يَحُثُّ أَهْلَهُ عَلَى الإِكْثَارِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ وَطَاعَتِهِ. فَقَدِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيْلَةً فَزِعًا، وَهُوَ يَقُولُ: "سُبْحَانَ اللهِ! مَاذَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الخَزَائِنِ، وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الفِتَنِ! مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ – يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ لِيُصَلِّينَ – رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ" رواه البخاري.

وَكَانَ ﷺ يُرْشِدُ إِلَى التَّعَاوُنِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَالأَخْذِ بِيَدِ بَعْضِهِمَا بَعْضًا عَلَى رِضَا اللهِ تَعَالَى، تَأَمَّلْ تِلْكَ الصُّورَةَ الرَّائِعَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ ﷺ، تُبَيِّنُ جَمَالَ العَلَاقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، إِذْ قَالَ ﷺ:"رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ رَشَّ فِي وَجْهِهَا المَاءَ. رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى رَشَّتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ" رواه أبو داود والنَّسائي وابن ماجه.

وقالَ ﷺ مُبَيِّنًا فَضْلَ مُشَارَكَةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا:
"إذا أطْعَمَتِ المَرْأَةُ مِن بَيْتِ زَوْجِها غيرَ مُفْسِدَةٍ، كانَ لها أجْرُها وله مِثْلُهُ، ولِلْخازِنِ مِثْلُ ذلكَ، له بما اكْتَسَبَ ولَها بما أنْفَقَتْ" متفق عليه.

وَالزَّوْجَانِ يَتَشَارَكَانِ فِي الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيَسْعَيَانِ مَعًا فِي طَاعَةِ اللهِ وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِهِ، وكَانَ ﷺ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ، أَوْ خَرَجَ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، اصْطَحَبَ مَعَهُ بَعْضَ نِسَائِهِ، فَيُشَارِكْنَهُ بِجُهْدِهِنَّ فِي خِدْمَتِهِ ﷺ، وَيُعِنَّ الْمُسْلِمِينَ بِمَا اسْتَطَعْنَ، يَقولُ أَنَسٌ رضيَ اللهُ عنهُ: "لقد رَأَيتُ عائشةَ بنتَ أبي بَكرٍ وأُمَّ سُلَيمٍ، وإنَّهُما لَمُشمِّرتانِ، أَرى خَدَمَ سُوقِهِما، تَنقُلانِ القِرَبَ على مُتونِهِما، ثُمَّ تُفرِغانِهِ في أَفواهِ القَومِ، ثُمَّ تَرجِعانِ فَتَملآنِهِما، ثُمَّ تَجيئانِ فَتُفرِغانِهِ في أَفواهِ القَومِ" رواه البخاري ومسلم.

وَلَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنَ الْخَطَأ، وَمِنَ الْوُقُوعِ فِي الذَّنْبِ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي قِيَامِ كِلا الزَّوْجَيْنِ بِالتَّذْكِيرِ بِاللهِ، وَالْحَثِّ عَلَى الْأَوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَقَدْ كَانَ ﷺ يَعِظُ وَيُرْشِدُ، وَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ يَسِيرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا يَوْمًا: "يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ" – وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا، تُرِيدُ أَنَّهَا قَصِيرَةٌ – فَقَالَ ﷺ: "لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ، لَوْ مُزِجَ بِهَا مَاءُ الْبَحْرِ لَمَزَجَهُ" رواه أبو داود والترمذي.

اللَّهُمَّ رَبَّنا هَبْ لَنا مِن أَزواجِنا وذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعيُنٍ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ.

وبَعدُ، عِبادَ اللهِ..

يُخْبِرُنَا اللهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَزَوْجَتِهِ؛ عَنْ مُبَادَرَتِهِمْ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، وَعَنْ دُعَائِهِمْ رَاغِبِينَ فِيمَا عِنْدَ اللهِ، خَائِفِينَ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ، فَكَانُوا لِلَّهِ خَاضِعِينَ مُتَوَاضِعِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ۝ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُۥۤۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: ٨٩-٩٠].

وَلَقَدْ وَصَفَ اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ – عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ بِأَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ أَنْ يَهَبَ لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً صَالِحَةً تُسْعِدُهُمْ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: ٧٤].

فَصَلَاحُ الْأَزْوَاجِ وَالذُّرِّيَّةِ سَعَادَةٌ، وَمِنَّةٌ مِنَ اللهِ، وَقُرْبَةٌ يَتَقَرَّبُ بِهَا الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، إِنَّ طَاعَةَ اللهِ تَعَالَى سَعَادَةٌ لِلْبُيُوتِ، وَاسْتِقْرَارٌ لِلْحَيَاةِ، وَإِنَّ الذُّنُوبَ وَالْمَعَاصِي سَبَبٌ لِلشَّقَاءِ وَالضِّيقِ، وَلِكَثْرَةِ الْخِلَافِ وَالشِّقَاقِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: ٣٠].

قالَ أَبو الدَّرداءِ رضيَ اللهُ عنهُ: "إنَّ العَبدَ لَيَخلُو إلى مَعصِيَةِ اللهِ تعالى، فيُلقِيَ اللهُ بُغضَهُ في قُلوبِ المؤمنينَ مِن حيثُ لا يَشعُرُ".

وقالَ الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ رحمَهُ اللهُ: "إنِّي لأَعصي اللهَ، فأَجِدَ ذلكَ في خُلُقِ دابَّتي وامرَأتي".

وَمَنْ فَرَّطَ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ، وَأَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَهْمَلَ وَاجِبَاتِهِ الشَّرْعِيَّةَ تجاهَ أَهْلِهِ، وَلَمْ يُبَالِ بِصَلَاحِهِمْ وَاسْتِقَامَتِهِمْ، وَلَا بِصَلَاتِهِمْ وَلَا بِأَخْلَاقِهِمْ، وَتَرَكَ التَّرْبِيَةَ لِغَيْرِهِ، وَجَعَلَ أَمْرَهُمْ سُدًى، لَا يَهْتَمُّ إِلَّا بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ، لَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبُوا، وَمِنْ أَيْنَ جَاءُوا، وَمَنْ صَاحَبُوا، وَمَاذَا يَقْرَءُونَ، وَمَاذَا يُشَاهِدُونَ، وَمَنْ يُتَابِعُونَ؛ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ حِينَ يُفَاجَأُ بِانْحِرَافِهِمْ عَنْ دِينِ اللهِ، وَكَثْرَةِ مَشَاكِلِهِمْ، وَسُوءِ أَخْلَاقِهِمْ. نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُؤْمِ الْمَعْصِيَةِ.

فَاتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ – فَإِنَّهُ بِقَدْرِ قُرْبِ الزَّوْجَيْنِ مِنَ اللهِ تَكُونُ الطُّمَأْنِينَةُ والْأُنْسُ، وَبِقَدْرِ الْبُعْدِ عَنِ اللهِ تَكُونُ الْجَفْوَةُ وَالشِّقَاقُ.

قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ" رواه النسائي وابن حبان.

أَيُّهَا الأَزْوَاجُ وَالأَبَاءُ الكِرَامُ، إِنَّ هَذَا الحَدِيثَ الشَرِيفَ يُذَكِّرُكُمْ بِأَنَّ أَهْلَكُمْ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ، وَأَنَّ اللهَ سَيَسْأَلُكُمْ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ فَاحْفَظُوا بُيُوتَكُمْ، وَقُومُوا بِمَسْؤُولِيَّتِكُمْ، وَكُونُوا نُصَحَاءَ، تُرَبُّونَ وَتُؤَدِّبُونَ، لِتَسْعَدُوا فِي الدُّنْيَا بِالسَّكِينَةِ، وَتَفُوزُوا فِي الآخِرَةِ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ.

﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.

المرفقات

1759531187_طاعة الله والسعادة الزوجية.docx

1759531200_طاعة الله والسعادة الزوجية- للجوال.pdf

المشاهدات 47 | التعليقات 0