فَضْلُ الزَّكَاةِ وَعَظِيمُ أَجْرِهَا 28 جماد الثانية 1436 هـ
محمد بن مبارك الشرافي
        1436/06/26 - 2015/04/15  14:58PM 
    
    
فَضْلُ الزَّكَاةِ وَعَظِيمُ أَجْرِهَا 28 جماد الثانية 1436 هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِالأَمْوَالِ وَشَرَعَ لَنَا إِنْفَاقَهَا فِيمَا هُوَ مَصْلَحَةٌ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا , وَوَعَدَنَا عَلَى ذَلِكَ الْخَلَفَ الْعَاجِلَ فِي الدُّنيَا وَالثَّوَابَ الْجَزِيلَ فِي الأُخْرَى ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ذُو الْجُودِ وَالإِحْسَانِ وَالأَفْضَال ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا تَعَاقَبَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ فَضَائِلَ الزَّكَاةِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ وَعَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ لا تَكَادُ تُحْصَى .
فَمِنْ فَضَائِلِهَا : إِتْمَامُ إِسْلَامِ الْعَبْدِ وَإِكْمَالُه , لِأَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ ، فَإِذَا قَامَ بِهَا الإِنْسَانُ تَمَّ إِسْلَامُهُ وَكَمُلَ، وَهَذَا لا شَكَّ أَنَّهُ غَايَةٌ عَظِيمَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللهُ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَمِنْهَا : أَنَّهَا سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ ، فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَمِنْهَا : أَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِ الْمُزَكِّي ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ ، وَالْمَحْبُوبُ لا يُبْذَلُ إِلَّا ابْتِغَاءَ مَحْبُوبٍ أَكْثَرَ مِنْهُ ، وَلِهَذَا سُمِّيَتِ الزَّكَاةُ صَدَقَةً لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِ صَاحِبِهَا ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
وَمِنْهَا : أَنَّهَا تُزَكِّي أَخْلَاقِ صَاحِبِهَا ، فَتَنْتَشِلَهُ مِنْ زُمْرَةِ الْبُخَلَاءِ وَتُدْخِلَهُ فِي زُمْرَةِ الْكُرَمَاءِ ، لِأَنَّهُ إِذَا عَوَّدَ نَفْسَهُ عَلَى الْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ صَارَ ذَلِكَ الْبَذْلُ سَجِيَّةً لَهُ وَطَبِيعَة .
وَمِنْهَا : أَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَطِيبِ النَّفْسِ ، وَهَذَا شَيْءٌ مُجَرَّبٌ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْبَذْلَ وَالْكَرَمَ مِنْ أَسْبَابِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ ، لَكِنْ لا يَسْتَفِيدُ مِنْهُ إِلَّا الذِي يُعْطِي بِسَخَاءٍ وَطِيبِ نَفْسٍ، وَيُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ قَلْبِهِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ.
وَمِنْ فَضَائِلِ الزَّكَاةِ : أَنَّهَا تَجْعَلُ الْمُجْتَمَعَ الإِسْلَامِيَّ كَأَنَّهُ أُسْرَةٌ وَاحِدَةٌ، فَيَعْطِفُ الْقَادِرُ عَلَى الْعَاجِزِ وَالْغَنِيُّ عَلَى الْمُعْسِرِ ، فَيُصْبِحُ الإِنْسَانُ يَشْعُرُ بِأَنَّ لَهُ إِخْوَانَاً يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِمْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْهِ ، قَالَ تَعَالَى (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ)
وَمِنْهَا : أَنَّهَا تَمْنَعُ الْجَرَائِمَ الْمَالِيَّةَ مِنَ السَّرِقَاتِ وَالنَّهْبِ وَالسَّطْوِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ يَأْتِيهِمْ مَا يَسُدُّ شَيْئَاً مِنْ حَاجَتِهِمْ، وَيَعْذُرُونَ الْأَغْنَيَاءِ بِكَوْنِهِمْ يُعْطُونَهُمْ مِنْ مَالِهِمْ ، فَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ إِلَيْهِمْ فَلَا يَعْتَدُونَ عَلَيْهِمْ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ فَضَائِلِ الزَّكَاةِ : أَنَّهَا سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنْ حَرِّ يَوْمِ الْقِيَامَةِ , فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ) رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَاَفَقُهُ الذَّهَبِيُّ . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) وَذَكَرَ مِنْهُمْ (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَمِنْهَا : أَنَّهَا تُزَكِّي الْمَالَ ، أَيْ تُنَمِّيهِ حِسَّاً وَمَعْنَى ، فَإِذَا تَصَدَّقَ الإِنْسَانُ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقِيهِ الآفَاتِ ، وَرُبَّمَا يَفْتَحُ اللهُ لَهُ زِيَادَةَ رِزْقٍ بِسَبَبِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ من مَال شَيْئا وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ) رَوَاهُ مُسلم.
وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ ، فَكَمْ مِنَ النَّاسِ بَخِلَ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَسَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِ بَلاءً فِي نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ ، حَتَّى صَرَفَ أَضْعَافَ أَضْعَافَ مَا بَخِلَ بِهِ ، مِنَ الْعِلَاجَاتِ التِي تَسْتَنْزِفُ مِنْهُ أَمْوَالاً كَثِيرَةً .
وَمِنْ عَجِيبِ مَا ذَكَرَ أَنَّ أَحَدَ الْقُضَاةِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَحَدُ الْمُواطِنِينَ يَطْلُبُ تَعْوِيضَاً مِنَ الدَّوْلِةِ عَنْ غَنَمِهِ التِي هَلَكَتْ ، فَتَأَمَّلَ الْقَاضِي فِي الْمَعْرُوضِ فَتَعَجَّبَ وَاسْتِغْرَبَ ، حَيْثُ إِنَّ سَبَبَ مَوْتِ الْغَنَمِ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَيْهَا صَاعِقَةٌ فِي عَرْضِ الْجَبَلِ فَأَهْلَكَتْ مِنْهَا 700 رَأْسٍ ، فَاسْتَدْعَى الْقَاضِي صَاحِبَ الْغَنَمِ فَلَمَّا جَلَسَ أَمَامَهُ قَالَ لَهُ : هَلْ أَنْتَ تُخْرِجُ زَكَاةَ غَنَمِكَ ؟ فَكَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ بُهِتَ، فَسَكَتَ طَوِيلاً لا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الْقَاضِي وَخَرَجَ وَعَلَى وَجْهِهِ عَلَامَاتِ النَّدَمِ ، وَلَمْ يَعُدْ لِلْمَحْكَمَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَيْقَنَ أَنَّ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ بِسَبَبِ تَرْكَ الزَّكَاةِ ، فَاتَّقُوا اللهَ يَا إِخْوَانِي فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُمْهِلُ لَكِنَّهُ لا يُهْمِلُ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ فَضَائِلِ الزَّكَاةِ : أَنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبُ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ فِي السِّرِّ ، فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ .
وَمِنْ فَضَائِلِ الزَّكَاةِ : أَنَّهَا سَبَبٌ لِنَمَاءِ الْمَالِ وَبَرَكَتِهِ وَالْحِفَاظِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا( مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وعن أبى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضاً قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ وَيَأْخُذُهَا بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لِأَحَدِكُمْ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ مُهْرَهُ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ . أُقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ : فَقَدْ تَظَاهَرَتْ دَلالَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى تَعْظِيمِ شَأْنِ الزَّكَاةِ وَتَفْخِيمِ أَمْرِهَا ، حَتَّى قَرَنَهَا اللهُ تَعَالَى بِالصَّلَاِة فِي كِتَابِهِ فِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ مَوْضِعَاً ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَأْنِهَا، وَكَمَالِ الاتِّصَالِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ ، حَتَّى إِنَّهُ لِمَّا مَنَعَ بَعْضُ الْعَرَبِ الزَّكَاةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : كَانَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ السُّعَاةَ لِقَبْضِ الزَّكَاةِ وَجِبَايَتِهَا لِإِيصَالِهَا إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا، وَمَضَتْ بِذَلِكَ سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا .
وَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ قَدْ بَعَثَ وَلِيُّ أَمْرِنَا أَيَّدُهُ اللهُ أُنَاسَاً لِقَبْضِ الزَّكَوَاتِ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الْعَامِلَةُ ، وَهُمْ أُنَاسٌ تَبْرَأُ بِهْم ذِمَّتُكُ إِذَا أَعْطَيْتَهُمْ زَكَاةَ مَالِكَ وَلا سِيَّمَا فِي الْمَوَاشِي مِنَ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ ، وَكَذَلِكَ الْبَقُرُ لِلْجِهَاتِ التِي مَاشِيِتُهُمْ مِنَ الْأَبْقَارِ , فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ بِالتَّعَاوُنِ مَعَهُمْ وَالصِّدْقِ فِيْمَا تُخْبِرُهُمْ بِه , وَاحْذَرِ الكَذِبَ وَالْخِيَانَةَ , فِإِنَّها لَا تَزِيدُكَ مِنِ اللهِ إِلَّا بُعْداً وَلَا تَزِيْدُ مَالَكَ إِلَّا قِلَّة .
وَلَكِنْ هُنَا تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ : وَهُوَ أَنَّ الْعَامِلَةَ عِنْدَهُمْ تَقْيِيمٌ عَامٌ لِلْوَاجِبِ وَتَقْدِيرٌ قَدْ عُيِّنَ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْمَسْؤولِينَ ، مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ قَدْ يَكُونُ خِلَافَ ذَلِكَ ، فَمَثَلاً قَدْ يَقُولُونَ : إِنَّ الْحِقَّةَ ثَمَنُهَا ثَلاثَةُ آلافٍ ، وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ ثَمَنَهَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ ، فَأَنْت ادْفَعْ إِلَيْهِمْ مَا طَلُبُوا ، وَلَكِنْ أَخْرِجْ بَقِيَّةَ الْقِيمَةِ بِنَفْسِكَ ، وَلا تَكْتَفِ بِمَا طَلَبُوا , وَلا تَبْرَأُ ذِمَّتُكُ إِلَّا بِذَلِكَ .
وَتَنْبِيهُ آخَرَ : وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ الإِبِلِ أَقْيَامُهَا غَالِيَةٌ جِدَّاً ، وَهُوَ مَا تُسَمَّى بِإِبِلِ الْمزَايِنِ ، فَهَذِهِ فِي الْوَاقِعِ تُعْتَبَرُ عُرُوضَ تِجَارَةٍ ، فَعَلَيْكَ أَنْ تُخْرِجَ زَكَاتَهَا حَسْبَ قِيمَتِهَا .
فَاللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ وَمِنْ نُفُوسٍ لا تَشْبَعُ وَمِنْ قُلُوبٍ لا تَخْشَعُ وَمِنْ دَعَوَاتٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا ! اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأُلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكِ ، اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلا تَنْقُصْنَا ، وَأَكْرِمْنَا وَلا تُهِنَّا ، وَأَعْطِنَا وَلا تَحْرِمْنَا ، وَآثِرْنَا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا ، وَأَرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا وَعَنْ وَالِدِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمَين ، اللَّهُمَّ احْفَظْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَأَيَّدْهُ بِتَأْيِيدِكَ وَانْصُرهُ بِنَصْرِكَ وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْحَقِّ وَالصَّوَابِ ، اللَّهُمَّ انْصْرُ إِخْوَانَنَا الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِكِ عَلَى ثُغُورِ بِلادِنَا ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى أَعْدَائِكِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُلْحِدِينَ مِنَ الرَّافِضَةِ الْمُضِلِّينَ وَمَنْ نَاصَرَهُمْ وَعَاوَنُهُمْ يَا قُوِيُّ يَا عَزِيزُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينْ !
المرفقات
فَضْلُ الزَّكَاةِ وَعَظِيمُ أَجْرِهَا 28 جماد الثانية 1436 هـ.doc
فَضْلُ الزَّكَاةِ وَعَظِيمُ أَجْرِهَا 28 جماد الثانية 1436 هـ.doc
 
                             
                             
             
             
             
             
                                 
                 
                     
                     
                         
                         
                     
                 
            
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
تعديل التعليق