قِصَّةُ أَصْحَابِ الكَهْفِ – مِثَالُ الإِيمَانِ العَظِيم

فهد فالح الشاكر
1447/05/30 - 2025/11/21 00:06AM

الخُطْبَةُ الأُولَى

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ الإِيمَانِ،

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ، عِبَادَ اللهِ:

الإِيمَانُ… نُورٌ فِي الدُّرُوبِ، وَسَكِينَةٌ فِي القُلُوبِ، وَقُوَّةٌ تَرْفَعُ الإِنْسَانَ وَتُهَذِّبُهُ وَتَحْمِيهِ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى:

﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾

الإِيمَانُ يَهَبُكَ الطُّمَأْنِينَةَ عِنْدَ المِحَنِ،

وَيَمْنَحُكَ القُوَّةَ عِنْدَ الضَّعْفِ،

وَيَكْشِفُ لَكَ بِنُورِهِ الطَّرِيقَ عِنْدَ الظَّلَامِ.

عباد الله

قِصَّةُ أَصْحَابِ الكَهْفِ… أَعْمَقُ دُرُوسِ الإِيمَانِ

ففِي زَمَنٍ يَكْثُرُ فِيهِ الجَهْلُ وَتَعْلُو فِيهِ أَصْوَاتُ الوَثَنِ،

وَيَجْلِسُ عَلَى العَرْشِ مَلِكٌ مُتَجَبِّرٌ لَا يُؤْمِنُ بِاللهِ،

أَشْرَقَتْ فِي الظُّلُمَاتِ قُلُوبُ فِتْيَةٍ طَاهِرَةٍ.

لَمْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ،

وَلَا أَصْحَابَ جَاهٍ،

وَلَا مِنَ الأَغْنِيَاءِ…

بَلْ شَبَابٌ صِغَارٌ – وَلَكِنَّ قُلُوبَهُمْ كَبِيرَةٌ بِالإِيمَانِ.

كَانُوا يَجْتَمِعُونَ سِرًّا،

وَيَتَدَارَسُونَ التَّوْحِيدَ،

وَيَقُولُونَ بِقُوَّةٍ:

﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا﴾

فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمُ المَلِكُ أَمَرَ بِإِحْضَارِهِمْ،

وَوَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالسُّيُوفُ مُسْتَعِدَّةٌ.

فَقَالَ لَهُمْ:

مَنْ رَبُّكُمْ؟!

فَرَدُّوا بِصَوْتٍ وَاحِدٍ، وَقُلُوبٍ تَمْتَلِئُ بِنُورِ الإِيمَانِ:

اللهُ رَبُّنَا… لَا نَسْجُدُ لِغَيْرِهِ.

هُنَا يَقُولُ اللهُ:

﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾

أَيْ قَوَّيْنَاهَا وَمَلَأْنَاهَا يَقِينًا وَثِقَةً.

أيها المسلمون

هولاء الفتية لَمْ يَجِدُوا سَبِيلًا لِحِفَاظِ إِيمَانِهِمْ إِلَّا الهَرَبَ بِدِينِهِمْ.

خَرَجُوا لَيْلًا،

فِي طَرِيقٍ مُظْلِمٍ،

يَحْمِلُونَ الإِيمَانَ لَا غَيْرَهُ.

فَوَصَلُوا إِلَى كَهْفٍ صَغِيرٍ ضَيِّقٍ،

وَلَكِنَّ الإِيمَانَ يُوَسِّعُ الضِّيِقَ وَيُؤْمِنُ الخَائِفَ.

فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَقَالُوا:

﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾

فكانت المُعْجِزَةُ العَظِيمَةُ

نَامُوا…

وَنَامَتْ مَعَهُمُ الدُّنْيَا.

ثَلَاثَمِئَةٍ وَتِسْعُ سِنِينَ!

يَتَغَيَّرُ المُلُوكُ،

وَتَسْقُطُ مَمَالِكُ،

وَتَقُومُ أُمَمٌ…

وَهُمْ فِي كَهْفِهِمْ تَحْفَظُهُمُ الرَّحْمَةُ.

وَلَمَّا اسْتَيْقَظُوا ظَنُّوا أَنَّهُمْ نَامُوا يَوْمًا.

أَرْسَلُوا أَحَدَهُمْ لِيَشْتَرِيَ طَعَامًا،

فَوَجَدَ المَدِينَةَ قَدْ تَغَيَّرَتْ،

وَالتَّوْحِيدُ قَدْ عَادَ،

وَالظُّلْمُ قَدْ زَالَ.

فَعَادَ يُخْبِرُهُمْ،

فَسَجَدُوا لِلَّهِ شُكْرًا،

ثُمَّ دَعَوُا اللهَ أَنْ يَتَوَفَّاهُمْ عَلَى الإِيمَانِ…

فَقَبَضَ اللهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي كَهْفِهِمْ.

أيها المؤمنون

هذه وَقَفَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنْ قِصَّتِهِمْ

1️⃣ الإِيمَانُ أَعْظَمُ قُوَّةٍ يَحْمِلُهَا الإِنْسَانُ.

2️⃣ مَنْ هَرَبَ بِدِينِهِ نَصَرَهُ اللهُ، وَمَنْ فَرَّطَ فِيهِ خَذَلَهُ.

3️⃣ الكَهْفُ الضَّيِّقُ مَعَ الإِيمَانِ خَيْرٌ مِنْ قُصُورٍ تُضَيِّعُ العَقِيدَةَ.

4️⃣ الزَّمَانُ يَتَغَيَّرُ… وَلَكِنَّ أَهْلَ الإِيمَانِ يَبْقَوْنَ.

5️⃣ لَيْسُوا أَنْبِيَاءَ… وَلَكِنَّ اللهَ خَلَّدَهُمْ بِالإِيمَانِ.

عِبَادَ اللهِ،

بارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ

 

 

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.

أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:

إِنَّ أَعْظَمَ مَا يُسْأَلُ مِنَ اللهِ:

قُوَّةُ الإِيمَانِ، وَصَفَاءُ الإِيمَانِ، وَنُورُ الإِيمَانِ.

وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ.”

فَاطْلُبُوا مِنَ اللهِ قُوَّةَ الإِيمَانِ،

فَهُوَ السِّتْرُ فِي الشَّدَائِدِ،

وَالنُّورُ عِنْدَ الظُّلُمَاتِ،

وَالدَّلِيلُ فِي الطَّرِيقِ.

🌟 

يَا عِبَادَ اللهِ…

لَوْ لَمْ يُعَظِّمْ أَصْحَابُ الكَهْفِ الإِيمَانَ…

لَمَا ذَكَرَهُمُ اللهُ فِي القُرْآنِ.

وَلَوْ لَمْ يَخْتَارُوا اللهَ…

لَمَا اخْتَارَهُمُ اللهُ.

فَاسْأَلْ نَفْسَكَ:

هَلْ مَا فِي قَلْبِي مِنَ الإِيمَانِ يَنْفَعُنِي؟

هَلْ هُوَ نُورٌ يَهْدِينِي؟

هَلْ هُوَ صِدْقٌ يَرْفَعُنِي؟

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا إِيمَانًا صَادِقًا، وَقُلُوبًا نَقِيَّةً،

وَنُورًا يَمْلَأُ صُدُورَنَا، وَيُصَحِّحُ طَرِيقَنَا،

وَيُحْسِنُ خِتَامَنَا.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الإِسْلَامِ، وَانْصُرِ المُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا،وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ عَافِيَةً.

 

اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى المُسْلِمِينَ،

وَارْحَمْ مَوْتَانَا وَمَوْتَى المُسْلِمِينَ،

اللَّهُمَّ اجْعَلْ قُبُورَهُمْ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ المُسْلِمِينَ، وَاهْدِ نِسَاءَهُمْ، وَاحْفَظْ أَبْنَاءَهُمْ، وَبَارِكْ فِي أَرْزَاقِهِمْ،

وَوَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.

 

اللَّهُمَّ وفق وُلَاةَ أُمُورِنَا لِمَا فِيهِ خَيْرُ البِلَادِ وَالْعِبَادِ، وَوَفِّقْهُمْ لِلحَقِّ وَالسَّدَادِ،وَاجْعَلْهُمْ هُدَاةً مُهْتَدِينَ.

اللَّهُمَّ ادْفَعْ عَنَّا الغَلَا وَالوَبَا، وَالرِّبَا وَالزِّنَا،

وَالزَّلَازِلَ وَالمِحَنَ، وَسُوءَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى،

وَالعَفَافَ وَالغِنَى،

وَنَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالجَنَّةَ،

وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ،

وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

 

المرفقات

1763672736_قِصَّةُ أَصْحَابِ الكَهْفِ – مِثَالُ الإِيمَانِ العَظِيم.pdf

المشاهدات 285 | التعليقات 0