تنبيه

تم تحويل رابط المقال من https://khutabaa.net/index.php/ar/discussions/قصة-أصحاب-الكهف-محتصرة   إلى رابط جديد
https://khutabaa.net/index.php/ar/discussions/قصة-أصحاب-الكهف-مختصرة
يرجى استخدام الرابط الجديد لمشاركة هذا الموضوع


قصة أصحاب الكهف مختصرة

عبدالرحمن سليمان المصري
1447/05/08 - 2025/10/30 16:48PM

قصة أصحاب الكهف

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى ﴿ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ﴾

عباد الله : تعدد أسلوب القرآن الكريم في تقرير العقيدة والتوحيد ، وعرض الأمثال والقصص ، والترغيب والترهيب ،  وأكثر الله تعالى من ذكر القصص في كتابه ، لما فيها من العظات والعبر ، ﴿ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ﴾ ، ومن القصص ؛ قصة أصحاب الكهف ، قال تعالى:﴿أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ﴾ ، وإن كانت قصتهم عجيبة ، إلا أن العجائب في خلق الله وحسن صنعه ؛ أعظم وأجل ، ففي خلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار، وغيرها من الآيات العظام ، الدالة على قدرة الله تعالى، أعجب من أخبار أصحاب الكهف .

عباد الله : جاءت قصتهم في سورة الكهف ، التي يقرؤها المسلمون في يوم الجمعة ؛ إتباعا للسنة ، وتحريا للفضل ، وطلبا للنور الذي يضيء لقارئها ما بين الجمعتين ، قال صلى الله عليه وسلم  :" إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة ؛ أضاء له من النور ما بين الجمعتين" رواه النسائي وصححه الألباني .

وجاء في فضلها ، ما يحمل المؤمن على حسن تدبرها، والوقوف عند معانيها ، قال صلى الله عليه وسلم:" من ‌حفظ ‌عشر ‌آيات من ‌أول ‌سورة ‌الكهف عصم من الدجال " رواه مسلم .

وقرأها أحد الصحابة رضي الله عنهم ، فوقعت له كرامة عظيمة وهو يقرأها؛ حيث تغشته سحابة ، فجعلت تدنو منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" تلك السكينة تنزلت للقرآن " رواه النسائي .

عباد الله : أهل الكهف شباب أطهار ، أتقياء أبرار ، رأوا ما يتعاطاه قومهم من السجود للأصنام ، والتعظيم للأوثان ، فوفقهم الله وألهمهم الإيمان ، ﴿إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ﴾ ، فعرفوا ربهم وأنكروا ما عليه قومهم من الشرك والعصيان ، فقاموا بين أظهرهم ودعوهم إلى عبادة الله ، ﴿وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا ﴾ ، ولما خافوا من سطوة قومهم ، لجأوا إلى خالقهم بدعوات عظيمة ، أن يثبتهم على دينهم، ويصرف عنهم كيدهم ، ويفتح عليهم الخير والبركات ، ﴿ ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ﴾.

فاستجاب الله دعاءهم ، وقيض لهم ما لم يكن في حسبانهم ،﴿ فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا ﴾، وكانوا سبعة وثامنهم كلبهم على الراجح ، فأوو إلى كهف خارج بلدتهم ، فضرب الله عليهم النوم ، ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا ، وتولى الله حفظهم ، فلا ينظر إليهم أحد ، إلا امتلئ قلبه رعبا منهم ، ﴿ وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ﴾.

عباد الله: ثم أيقظهم الله بعد هذه المدة الطويلة ، فتساءلوا ، ﴿ قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ﴾، وذلك أنه لم يتغير شيء من أبدانهم ، وكان دخولهم في أول النهار ، واستيقاظهم في آخر النهار ، وقد علموا بإلهام من الله أنهم ناموا مدة طويلة، فأوكلوا العلم إلى الله ، ﴿قالوا ربكم أعلم بما لبثتم﴾ .

عباد الله: ثم أرسلوا أحدهم ليشتري لهم طعاما ، ففطن القوم بهم ، وكانوا قد سمعوا بقصتهم ، فأبصر الناس فيهم آية من أعظم آيات الله، ليعلم الناس حين رأوا هذه القدرة الإلهية، وهذه الآية الربانية ، ﴿ أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها ﴾  ، فإن من قدر على إرقاد الفتية مئات السنين ثم أيقظهم ، قادر على أن يميتهم آلاف السنين ثم يحييهم ، قال تعالى: ﴿ قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ﴾.

عباد الله: ولما رجع المشتري يبشر أصحابه ، قبض الله عز وجل أرواحهم جميعا ،  وحصل التنازع على اتخاذ هذا المكان للعبادة ، ثم قال أصحاب الغلبة ونفوذ الكلمة منهم: ﴿ لنتخذن عليهم مسجدا ﴾ .

وقد حكى الله خلافهم ، ليس إقرارا لهم ، بل حكاية عما حصل بينهم ، وشرعنا جاء النهي فيه عن اتخاذ القبور مساجد ، بأشد صيغ النهي ، قال صلى الله عليه وسلم :" لعن الله اليهود والنصارى

؛ ‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم ‌مساجد " رواه البخاري .

وسبب شدة التحذير ، هو أن بناء المساجد على القبور ؛ يعد وسيلة من وسائل الشرك الأكبر ، ﴿قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ﴾

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.        

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا  ،       أما بعد :

عباد الله: لقد تضمنت قصة أصحاب الكهف، تقرير التوحيد ، وإفراد الله بالعبودية ، والإيمان باليوم الآخر ، قال تعالى :﴿ وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها ﴾ .

وقد دلت قصة أصحاب الكهف ، على أهمية ترك مواطن الفتن ، والنئي بالنفس عن أسباب الهلاك ، قال تعالى: ﴿ وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله ﴾.

كما حوت قصتهم على توجيهات ربانية ، يأمر الله تعالى عباده بصحبة الصالحين ، ولو لم يكونوا من أهل المال والجاه ، لعموم نفعهم , وشمول بركتهم ، " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم "، مع مجانبة أهل الغفلة والهوى ، وقد نال كلب أهل الكهف من بركتهم ، وأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال ، وذكره الله في أشرف كتبه ، لملازمته للصالحين .

عباد الله: التجأ أصحاب الكهف إلى الله جل وعلا بالدعاء ، وقد أيقنوا أن من أوى إلى الله آواه ، وأن من توكل عليه كفاه ، وأن من اعتصم به حفظه ووقاه ، فهو القادر على حفظهم وصرف الشرور والأذى عنهم ، فاستجاب الله تلك الدعوات، ووهبهم من جزيل العطاء ، وأمدهم بوافر الهبات ، وأكرمهم بأعظم الكرامات ، والعاقبة للمتقين .

قال تعالى: ﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا * خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ﴾.

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، فقال تعالى: ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

المرفقات

1761832126_قصة أصحاب الكهف خطبة2.docx

1761832128_قصة أصحاب الكهف خطبة2.pdf

المشاهدات 378 | التعليقات 0