مَنْزِلَةِ كِبَّارُ السِّنِ فِي الْإِسْلَامِ
محمد البدر
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قالَ تَعَالَى:﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾كِبَّارُ السِّنِ لَهُمْ فَضْلٌ فِي الْإِسْلَامِ،وَلِهُمْ حُقوقٌ وَوَاجِبَاتُ تَحْفَظُ قَدْرَهُمْ؛فَالْخَيْرُ
وَالْبَرَكَةُفِي رِكَابِهِمْ،وَكَبِيرُ السِّنِّ؛هُوَ مَنْ وَصَلَ إِلَى سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ،وَأَصَابَهُ الضَّعْفُ وَالْوَهَنُ،وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ آثَارُ الْكِبَرِ،وَشاب شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ،وَهُوَ الذي رق عظمه وكبر سنه وخارت قواه،قالَ تَعَالَى:﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾وَقَالَﷺ«إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ،وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ،وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.فَمِنْ حُقُوقِ كِبَّارُ السِّنِ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ،وَالرِّفْقُ بِهِمْ،وَإِعَانَتُهُمْ عَلَى الزِّيَارَاتِ الْعَائِلِيَّةِ،وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ،وزيارة الأصحاب،والجلوس معهم،والاستماع لنصائحهم وخبراتهم،وتقديمهم في المجالس والحديث،وإفساح الطريق لهم،وخدمتهم بما يحتاجون إليه في الأماكن العامة قَالَﷺ«مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»رواهُ أبو دَاودَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ«الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَمِنْ حُقُوقِ كِبَّارُ السِّنِ،مبادرتُهم بالسلام والمصافحة،والسؤالُ عن حالهم،وتقبيلُ رأسهم،وإظهار الفرح والسرور لرؤيتهم،وتقدير مشاعرهم وأحاسيسهم,ويتأكد الِاحْتِرَامُ وَالتَّقْدِيرُ والإِكْرَامُ عندما يكونوا من ذوي الْأَرْحَامِ,قَالَﷺ«إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ ثَلاَثًا،إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ،إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ,وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللَّهِ:قالَ تَعَالَى﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ﴾الواجب على الأسرة تجاه الضعفاء والعجزة من كِبَارِ السِّنِّ،رعايتهم والإحسان إليهم، والعناية بهم دينياً وَصحيًا وجسديًا ونفسيًا،كذلك على مُلاك البيوت والعقارات أن يتقوا الله جل وعلا في كِبَارِ السِّنِّ،بتسيهل الصعود والنزول فهم في ضعف شديدة وليس لديهم قدرة على المشي أو حتى فتح قنينة الماء و غيرها.
وَمِنْ التَّقْدِيرُ والاهتمام بِكِبَارِ السِّنِّ ما أولته حكومة خادم الحرمين الشريفين وَفَّقَهَا اللهُ،حيث أنشأت دُورِ رِعَايَةِ الْمُسِنِّينَ والضمان الإجتماعي والتأهيل الشامل وغيرها لخدمتهم وإعانتهم وتذليل كل الصعاب.
الاوصلوا عِبَادَ اللهِ على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا،وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى
الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ
يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
المرفقات
1756937328_مَنْزِلَةِ كِبَّارُ السِّنِ فِي الْإِسْلَامِ.pdf
محمد البدر
عضو نشطتلوين
تعديل التعليق