من نِعَمِ الله أداء شعيرة الحج بأمن وأمان
عايد القزلان التميمي
1446/12/16 - 2025/06/12 14:29PM
خطبة الجمعة بتاريخ 17 / 12/ 1446هـ
للحديث عن نعمة نجاح موسم الحج
**********************************
الخطبة الأولى
الحمدُ لله الذي وفَّقَ عِباده الطَّائعين لأداءِ فَرِيضَةَ الحجِ، ودَعاهُم فَلَبَّوا وَأَتَوْا من كُلِّ فَجٍ عَميق وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد
فاتقوا الله - أيها المسلمون - في كل حين؛ وتذكروا قول الحق في كتابه المبين: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾.
عِبَاد اللَّهِ لَقَدْ انْتَهَى مَوْسِم الْحَجِّ الَّذِي أَدَّى فِيهِ الْمُسْلِمُونَ الرُّكْنَ الْخَامِسَ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَمَبَانِيهِ الْعِظَام ،وعَادَوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ، بِالأَجْرِ وَحُسْن الثَّوَاب وَمُسْتَبْشِرين بِفَضْلِ اللَّهِ أَنْ يَسَّرَ لَهُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ وَأَعَانَهُمْ عَلَى حَجِّهِمْ وَأَرَاهُمْ مَنَاسِكَهُمْ.
وَتَجَلَّتْ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ الْعَظِيمِ مَدْرَسَة الْحَجّ الْكُبْرَى مِنْ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ وَإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ اَلْبِلَادِ لَا تُحْصَى وَ مِنَ اَلنِّعَمِ اَلَّتِي تَجَدَّدَتْ لِهَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا نَجَاح مَوْسِمِ حَجِّ هَذَا الْعَامِ عَلَى كَافَّةِ اَلْأَصْعِدَةِ.
حَيْثُ أَدَّى الْمُسْلِمُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ فِي أَمْنٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَسَكِينَةٍ وَرَاحَةٍ، وَسَلَامَةٍ مِنْ اَلْأَوْبِئَةِ وَمَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِمْ نُسُكَهُمْ.
وَالتَّذْكِيرُ بِهَذِهِ اَلنِّعْمَةِ اَلْمُتَجَدِّدَةِ وَاَلَّتِي تَسْتَوْجِبُ شُكْرَ اَللَّهِ عَلَيْهَا، وَالتَّأْكِيدَ عَلَى أَنَّ اَلشُّكْرَ مِنْ مَقَامَاتِ اَلْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)، وَأَنَّ شُكْرَ النِّعَمِ مِنْ أَسْبَابِ بَقَائِهَا وَزِيَادَتِهَا يَقُولُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)، وَأَنَّ مِنْ شُكْرِ النِّعَمِ التَّحَدُّثُ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِرَافِ بِهَا وَالتَّذْكِيرِ بِهَا لِتُشْكَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مَا تَحَقَّقَ مِنْ نَجَاحٍ لِلْحَجِّ فَهُوَ أَوَّلًا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)، ثُمَّ بِفَضْلِ جُهُودِ حُكُومَةِ خَادِمِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ الْأَمِينِ فِي رِعَايَتِهِمْ لِمَوْسِمِ الْحَجِّ وَعِنَايَتِهِمْ التَّامَّةِ بِهِ، وَأَنَّ لَهُمْ عَلَيْنَا الشُّكْرَ وَالثَّنَاءَ وَصَادِقَ الدُّعَاءِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَشْكُرُ اللهُ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ).
وَمِنْ أَسْبَابِ نَجَاحِ الْحَجِّ الْتِزَامَ ضُيُوفِ الرَّحْمَنِ بِاسْتِخْرَاجِ تَصْرِيحِ الْحَجِّ وَتَقَيُّدُهُمْ بِالْأَنْظِمَةِ وَالتَّعْلِيمَاتِ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، حَيْثُ ظَهَرَ أَثَرَ ذَلِكَ فِي سَلَامَةِ صِحَّتِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ، وَسَلَاسَةِ تَنْقُّلِهِمْ بَيْنَ الْمَشَاعِرِ وَأَدَائِهِمْ الْمَنَاسِكَ بِطُمَأْنِينَةٍ وَيُسْرٍ.
عِبَادَ اللَّهِ
إِنَّ هَذِهِ الدَّوْلَةَ الْمُبَارَكَة بِحَمْدِ اللَّهِ تَقُومُ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْكِيمِ الشَّرِيعَةِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَهُ يُؤَيِّدُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيُسْبِغُ عَلَيْهِ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }.
عِبَادَ اللَّهِ : لَقَدْ عَادَتْ قَوَافِلُ الْحَجِيجِ إِلَى دِيَارِهَا، بَعْدَ مَوْسِمٍ نَاجِحٍ وَحَافِلٍ بِخِدْمَاتٍ مُتَكَامِلَةٍ، وَإِنْجَازَاتٍ جَلِيلَةٍ، وَجُهُودٍ تَعَاضَدَتْ فِيهَا كُلُّ الْقِطَاعَاتِ الَّتِي بَذَلَتْ عَمَلًا مُسْتَمِرًّا، وَطَوَّرَتْ فِكْرًا حَدِيثًا لِخِدْمَةِ الْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ، وَشَهِدَ مَوْسِمُ هَذَا الْعَامِ تَطْبِيقَ أَحْدَثِ التِّقْنِيَّاتِ وَالْأَنْظِمَةِ الذَّكِيَّةِ.
فَجَزَى اللَّهُ خَيْرًا وُلَاةَ أَمْرِ هَذِهِ الْبِلَادِ الَّذِينَ أَنْفَقُوا بِسَخَاءٍ، وَأَشْرَفُوا بِوَفَاءٍ، وَبَارَكَ اللَّهُ فِي جَمِيعِ الْمُشَارِكِينَ فِي خِدْمَةِ الْحُجَّاجِ حَيْثُ صَنَعُوا مَجْدًا وَإِتْقَانًا فِي خُطَطِ الْحَجِّ، وَقَدْ أَصْبَحَتْ الْمَمْلَكَةُ نَمُوذَجًا عَالَمِيًّا يُحْتَذَى فِي إِدَارَةِ الْحُشُودِ وَالتَّنْظِيمِ الِاحْتِرَافِيِّ، بِفَضْلِ مَا تَمْتَلِكُهُ مِنْ خِبْرَاتٍ تَرَاكُمِيَّةٍ وَرُؤْيَةٍ طَمُوحَةٍ تُتَرْجِمُهَا الْجُهُودُ الْمَيْدَانِيَّةُ وَالِابْتِكَارَاتُ الْمُسْتَمِرَّةُ.
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ حَجَّهُمْ، وَاجْعَلْ حَجَّهُمْ مَبْرُورًا، وَسَعْيَهُمْ مَشْكُورًا، وَاجْزِ وُلَاةَ الْأَمْرِ خَيْرَ الْجَزَاءِ وَأَعْظِم لهم الثواب والأجر وجميع المشاركين في خِدمة الحجاج .
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ أَقُولُ ما سَمِعتم وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَه الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُاللَّهِ وَرَسُولِهِ، النَّبِيِّ الْأَمِينِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى إخْوَانِهِ الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِينَ،
وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللَّهِ:
إنّ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ يَسْتَقْبِلُون امْتِحَانًا دُنْيَوِياً عَلَى تَحْصِيلِهِمْ فِي الْعَامِ الدِّرَاسَي وَهُمْ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا ((فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)).
مُصيبَتنا أنَّنا نَحرصُ على دُنيَاهُم ونَغْفلُ عن آخِرتِهم! فَكم مِن أَبٍ حريصٍ عَلَى إيقاظِ أبنائِهِ عِندَ الفَجرِ أَيَّامَ الاختباراتِ، بينما لم يَهتَمَّ بِإِيقَاظِهِم لِصَلاةِ الفَجرِ أو العَصرِ، طِيلَةَ العامِ؟! فالخَسَارَةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ خَسَارَة الآخِرَةِ،قَالَ سُبحَانَهُ: (( قُلْ إِنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم وَأَهلِيهِم يَومَ القِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الخُسرَانُ المُبِين ))
واعلموا أن تربية الأولاد مُهِمَّةٌ عظيمةٌ ينبغي للآباء والأمهات أن يحسبوا لها حِسابها، وأن يَعُدُّوا العُدَّة لمُواجهتها، خاصةً في هذا الزمن الذي كَثُرَت فيه الفتن، وكثُرتْ فيه دواعي الفساد.
أسأل الله تعالى أن يُعين الآباء والأمهات، والمعلمين والمعلمات، وأن يُيَسِّرَ على الطلاب والطالبات، وأن يُوفِقَهُم لكلِّ خير، وأنْ يَأخُذ بأيديهم إلى طريق الرشاد.
ثم اعلَمُوا أنَّ الله - سبحانه وتعالى - أمرَكُم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه؛ فقال - جلَّ من قائل عليمًا -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
للحديث عن نعمة نجاح موسم الحج
**********************************
الخطبة الأولى
الحمدُ لله الذي وفَّقَ عِباده الطَّائعين لأداءِ فَرِيضَةَ الحجِ، ودَعاهُم فَلَبَّوا وَأَتَوْا من كُلِّ فَجٍ عَميق وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد
فاتقوا الله - أيها المسلمون - في كل حين؛ وتذكروا قول الحق في كتابه المبين: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾.
عِبَاد اللَّهِ لَقَدْ انْتَهَى مَوْسِم الْحَجِّ الَّذِي أَدَّى فِيهِ الْمُسْلِمُونَ الرُّكْنَ الْخَامِسَ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَمَبَانِيهِ الْعِظَام ،وعَادَوا سَالِمِينَ غَانِمِينَ، بِالأَجْرِ وَحُسْن الثَّوَاب وَمُسْتَبْشِرين بِفَضْلِ اللَّهِ أَنْ يَسَّرَ لَهُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ وَأَعَانَهُمْ عَلَى حَجِّهِمْ وَأَرَاهُمْ مَنَاسِكَهُمْ.
وَتَجَلَّتْ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ الْعَظِيمِ مَدْرَسَة الْحَجّ الْكُبْرَى مِنْ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ وَإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ اَلْبِلَادِ لَا تُحْصَى وَ مِنَ اَلنِّعَمِ اَلَّتِي تَجَدَّدَتْ لِهَذِهِ الْبِلَادِ الْمُبَارَكَةِ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا نَجَاح مَوْسِمِ حَجِّ هَذَا الْعَامِ عَلَى كَافَّةِ اَلْأَصْعِدَةِ.
حَيْثُ أَدَّى الْمُسْلِمُونَ مَنَاسِكَ حَجِّهِمْ فِي أَمْنٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَسَكِينَةٍ وَرَاحَةٍ، وَسَلَامَةٍ مِنْ اَلْأَوْبِئَةِ وَمَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِمْ نُسُكَهُمْ.
وَالتَّذْكِيرُ بِهَذِهِ اَلنِّعْمَةِ اَلْمُتَجَدِّدَةِ وَاَلَّتِي تَسْتَوْجِبُ شُكْرَ اَللَّهِ عَلَيْهَا، وَالتَّأْكِيدَ عَلَى أَنَّ اَلشُّكْرَ مِنْ مَقَامَاتِ اَلْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)، وَأَنَّ شُكْرَ النِّعَمِ مِنْ أَسْبَابِ بَقَائِهَا وَزِيَادَتِهَا يَقُولُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)، وَأَنَّ مِنْ شُكْرِ النِّعَمِ التَّحَدُّثُ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِرَافِ بِهَا وَالتَّذْكِيرِ بِهَا لِتُشْكَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مَا تَحَقَّقَ مِنْ نَجَاحٍ لِلْحَجِّ فَهُوَ أَوَّلًا بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)، ثُمَّ بِفَضْلِ جُهُودِ حُكُومَةِ خَادِمِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ الْأَمِينِ فِي رِعَايَتِهِمْ لِمَوْسِمِ الْحَجِّ وَعِنَايَتِهِمْ التَّامَّةِ بِهِ، وَأَنَّ لَهُمْ عَلَيْنَا الشُّكْرَ وَالثَّنَاءَ وَصَادِقَ الدُّعَاءِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَشْكُرُ اللهُ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ).
وَمِنْ أَسْبَابِ نَجَاحِ الْحَجِّ الْتِزَامَ ضُيُوفِ الرَّحْمَنِ بِاسْتِخْرَاجِ تَصْرِيحِ الْحَجِّ وَتَقَيُّدُهُمْ بِالْأَنْظِمَةِ وَالتَّعْلِيمَاتِ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ)، حَيْثُ ظَهَرَ أَثَرَ ذَلِكَ فِي سَلَامَةِ صِحَّتِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ، وَسَلَاسَةِ تَنْقُّلِهِمْ بَيْنَ الْمَشَاعِرِ وَأَدَائِهِمْ الْمَنَاسِكَ بِطُمَأْنِينَةٍ وَيُسْرٍ.
عِبَادَ اللَّهِ
إِنَّ هَذِهِ الدَّوْلَةَ الْمُبَارَكَة بِحَمْدِ اللَّهِ تَقُومُ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْكِيمِ الشَّرِيعَةِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَهُ يُؤَيِّدُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيُسْبِغُ عَلَيْهِ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }.
عِبَادَ اللَّهِ : لَقَدْ عَادَتْ قَوَافِلُ الْحَجِيجِ إِلَى دِيَارِهَا، بَعْدَ مَوْسِمٍ نَاجِحٍ وَحَافِلٍ بِخِدْمَاتٍ مُتَكَامِلَةٍ، وَإِنْجَازَاتٍ جَلِيلَةٍ، وَجُهُودٍ تَعَاضَدَتْ فِيهَا كُلُّ الْقِطَاعَاتِ الَّتِي بَذَلَتْ عَمَلًا مُسْتَمِرًّا، وَطَوَّرَتْ فِكْرًا حَدِيثًا لِخِدْمَةِ الْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ، وَشَهِدَ مَوْسِمُ هَذَا الْعَامِ تَطْبِيقَ أَحْدَثِ التِّقْنِيَّاتِ وَالْأَنْظِمَةِ الذَّكِيَّةِ.
فَجَزَى اللَّهُ خَيْرًا وُلَاةَ أَمْرِ هَذِهِ الْبِلَادِ الَّذِينَ أَنْفَقُوا بِسَخَاءٍ، وَأَشْرَفُوا بِوَفَاءٍ، وَبَارَكَ اللَّهُ فِي جَمِيعِ الْمُشَارِكِينَ فِي خِدْمَةِ الْحُجَّاجِ حَيْثُ صَنَعُوا مَجْدًا وَإِتْقَانًا فِي خُطَطِ الْحَجِّ، وَقَدْ أَصْبَحَتْ الْمَمْلَكَةُ نَمُوذَجًا عَالَمِيًّا يُحْتَذَى فِي إِدَارَةِ الْحُشُودِ وَالتَّنْظِيمِ الِاحْتِرَافِيِّ، بِفَضْلِ مَا تَمْتَلِكُهُ مِنْ خِبْرَاتٍ تَرَاكُمِيَّةٍ وَرُؤْيَةٍ طَمُوحَةٍ تُتَرْجِمُهَا الْجُهُودُ الْمَيْدَانِيَّةُ وَالِابْتِكَارَاتُ الْمُسْتَمِرَّةُ.
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ حَجَّهُمْ، وَاجْعَلْ حَجَّهُمْ مَبْرُورًا، وَسَعْيَهُمْ مَشْكُورًا، وَاجْزِ وُلَاةَ الْأَمْرِ خَيْرَ الْجَزَاءِ وَأَعْظِم لهم الثواب والأجر وجميع المشاركين في خِدمة الحجاج .
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ أَقُولُ ما سَمِعتم وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَه الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُاللَّهِ وَرَسُولِهِ، النَّبِيِّ الْأَمِينِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى إخْوَانِهِ الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِينَ،
وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللَّهِ:
إنّ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ يَسْتَقْبِلُون امْتِحَانًا دُنْيَوِياً عَلَى تَحْصِيلِهِمْ فِي الْعَامِ الدِّرَاسَي وَهُمْ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا ((فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)).
مُصيبَتنا أنَّنا نَحرصُ على دُنيَاهُم ونَغْفلُ عن آخِرتِهم! فَكم مِن أَبٍ حريصٍ عَلَى إيقاظِ أبنائِهِ عِندَ الفَجرِ أَيَّامَ الاختباراتِ، بينما لم يَهتَمَّ بِإِيقَاظِهِم لِصَلاةِ الفَجرِ أو العَصرِ، طِيلَةَ العامِ؟! فالخَسَارَةُ الحَقِيقِيَّةُ هِيَ خَسَارَة الآخِرَةِ،قَالَ سُبحَانَهُ: (( قُلْ إِنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم وَأَهلِيهِم يَومَ القِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الخُسرَانُ المُبِين ))
واعلموا أن تربية الأولاد مُهِمَّةٌ عظيمةٌ ينبغي للآباء والأمهات أن يحسبوا لها حِسابها، وأن يَعُدُّوا العُدَّة لمُواجهتها، خاصةً في هذا الزمن الذي كَثُرَت فيه الفتن، وكثُرتْ فيه دواعي الفساد.
أسأل الله تعالى أن يُعين الآباء والأمهات، والمعلمين والمعلمات، وأن يُيَسِّرَ على الطلاب والطالبات، وأن يُوفِقَهُم لكلِّ خير، وأنْ يَأخُذ بأيديهم إلى طريق الرشاد.
ثم اعلَمُوا أنَّ الله - سبحانه وتعالى - أمرَكُم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه؛ فقال - جلَّ من قائل عليمًا -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
المرفقات
1749727782_من نِعَمِ الله أداء شعيرة الحج بأمن وأمان.docx