وصايات وعظات (مختصرة + مشكولة)

صالح عبد الرحمن
1447/05/15 - 2025/11/06 08:59AM

1447/5/16  خطبة وصايات وعظات (مختصرة + مشكولة)

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله، الحمدُ لله القائِم على كل نفسٍ بما كسَبَت، المُطَّلِع على كل جارِحةٍ وما اجترَحَت، سبحانه وبحمدِه لا يخفَى عليه مِثقالُ ذرَّةٍ لا في الأرض ولا في السماء تحرَّكَت أو سكَنَت، وأشكُرُه - سبحانه - على أنعُمه وآلائِه ما توالَت وكثُرَت، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له شهادةً هي الذُّخرُ ليومٍ تجِدُ فيه كلُّ نفسٍ ما عمِلَت، وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه دعَا إلى الملَّة الحنيفيَّة سِرًّا وجَهرًا حتى ظهَرَت وعزَّت وانتشَرت، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه بهم علَت رايةُ الدين وارتفَعَت، والتابِعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تعاقَبَت الأيام والليالي واتصَلَت.

أما بعدُ:

فأُوصِيكم - أيها الناس - ونفسِي بتقوَى الله، فاتَّقُوا الله - رحِمَكم الله -، واجتنِبُوا صُحبةَ مَن إذا ائتُمِن خدَع، وإذا اطَّلَع على السرِّ فضَح، وإذا استغنَى ترَك.

الناسُ لا تُوزَنُ بأموالِها ومناصِبِها، وإنما تُوزَنُ بطِيبِ قُلوبِها، وحُسن منطِقِها، وجميلِ صنائِعِها، وغضِّ الطَّرفِ عن نقائِصِها، وفضلُ الإنسان بما يُمنَح لا بما يملِك.

الجنَّةُ - أيها المُؤمن - بين شُكر سُليمان وصبرِ أيوب - عليهما السلام -، وقد قال الله - عزَّ وجل - في هذَين النبيَّين الكريمَين كلَيهما: ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: 30].

لا تنظُر مكانَك عند الخلقِ، بل انظُر أين مقامُك عند الخالِق.. ومع سعيك لأسباب الرزق المباحة فلا تحمل في قلبك همَّ الدنيا؛ فلله الآخرةُ والأولى.. 

ولا تحمِل همَّ الرزقِ؛ فهو عند الله.. ولا تحمِل همَّ المُستقبَل؛ فهو بيَدِ الله. خُذ بالأسبابِ، واستَقِم كما أُمِرتَ لا كما رغِبتَ.

لن يُقاسِمَك الوجَعَ صدِيق، ولن يتحمَّل عنك الألَمَ حبيبٌ أو طبيبٌ، اعتَنِ بنفسِك، وقُم بمسؤوليَّتك، ورِزقُك لا يأخُذَه غيرُك فاطمئن، وعملُك لا يقومُ به غيرُك فاجتَهِد، لا أحدَ يضَعُ نفسَه مكانَك، فأنت المسؤولُ عن أمرِك وشأنِك، واعلَم أنَّه لن يكون للمُؤثِّرات في الخارِج أيُّ تأثيرٍ إلا إذا كان في الداخِل قابِليَّة، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

أما ميدانُ العمل وطريقُ الجنَّة فطويلٌ واسِع، وعريضٌ مُيسَّر لا يُحدُّ ولا يُحصَر، فاعمَلُوا فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِق له، والأعمالُ الصالحةُ لا ينتهي عدُّها، ولا يُحصَى فضلُها، ولا يُدرَكُ أثَرُها، بالوضوءِ تتحادَرُ الخطايا، وتتضاعَفُ الحسنات، وبالخُطا إلى المساجِد تُمحَى السيئات، وتُرفَع الدرجات، و«بشِّر المشَّائِين بالظُّلَم إلى المساجِد بالنُّور التامِّ يوم القِيامة»، «وانتِظارُ الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكُم الرِّباط».

معاشر الكرام: ما يراه المُسلمُ عسيرًا فهو عند الله يسير، وما يراهُ كبيرًا فهو عند الله صغير، وما يراه شديدًا فهو عند الله هيِّن، فما على العبدِ إلا قَرعُ البابِ، فهو - سبحانه - يجبُرُ برحمتِه وحِكمتِه الكَسِير، ويُقوِّي بعزَّته الضعيف.

وعند الله ما خابَ رجاء، وما مِن شدَّةٍ إلا ويعقُبُها رخاء، والمَولَى إذا فتَحَ أبوابَه فهو جَزيلُ العطاء، والمُؤمنُ لا ينقطِعُ رجاؤُه ولو تكاثَرَت مظاهرُ اليأس؛ ليقينِه في حكمةِ الله وإن لم تُدرِكها العقولُ.

بل لقد قال بعضُ السلَف: "لولا مصائِبُ الدنيا لورَدنا الآخرةَ مفالِيس".

ومَن عمِلَ خيرًا فليشكُر؛ ليحصُل على المزيد، ومَن عمِلَ سُوءًا فليستغفِر وليتُب؛ فالتوبةُ تجُبُّ ما قبلَها.

نفَعَني اللهُ وإياكم بالقرآن العظيم، وبهَديِ مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وأقولُ قَولِي هذا، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المُسلمين مِن كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِرُوه، إنَّه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، الحمدُ لله الصادِقِ وعدُه، الواجِبِ شُكرُه، وأشهَدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له شهادةً هي مِيثاقُه وحَبلُه، وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا رسولُ الله وعبدُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِهِ وصحبِه، ومَن سارَ على نهجِه؛ فالطريقُ طريقُه، والهَديُ هَديُه.

واعلموا أن خيرَ الكلامِ كلامُ اللهِ وخيرُ الهَدْيِ هديُ محمدٍ وشرُ الأمورِ محدثاتُها، وكلُ بدعةٍ ضلالةٌ

ألا فاتَّقُوا اللهَ - رحِمَكم الله -، وصلُّوا وسلِّمُوا على الرحمةِ المُهداة، والنِّعمةِ المُسداة: نبيِّكُم مُحمدٍ رسولِ الله؛ فقد أمرَكم بذلك ربُّكم في مُحكَم تنزيله، فقال - عزَّ من قائلٍ كريمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

 

 

المشاهدات 515 | التعليقات 0