عناصر الخطبة
1/الاستعداد للحج 2/مناسك الحج 3/مناسك العمرة.اقتباس
يجب عليك أن تتعلم فقه الحج. فإن لم تجد من يعلمك مجانًا وجب عليك أن تستأجر من يعلمك بالمال، ويجب عليك أن تتعلمه مرات عديدة حتى تحفظه وتتقنه. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».
الخُطْبَة الأُولَى:
إن الحمدَ لله؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70- 71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله -عز وجل-، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.
أما بعدُ: فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «كيف تحج، وتعتمر؟».
وسوف ينتظم موضوعنا مع حضراتكم حول ثلاثة محاور:
المحور الأول: الاستعداد للحج.
المحور الثاني: مناسك العمرة.
المحور الثالث: مناسك الحج.
واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.
المحور الأول: الاستعداد للحج:
اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أنَّ الحَجَّ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، وَفُرُوضِهِ؛ لِقَوْلِ اللهِ -تَعَالَى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97].
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ».
ويستحب لك أيها الحاج أن تنوي بحجك عدةَ أمورٍ منها:
الأول: التقرب به إلى الله -عز وجل-؛ رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».
الثاني: تأدية الفريضة التي أمر الله بها؛ قال الله -تَعَالَى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97].
الثالث: أن تنوي أن يكون حجك سببًا لمغفرة ذنوبك؛ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
الرابع: أن تنوي أن تصلي في المسجد الحرام؛ لتنال أجر مائة ألف صلاة في كل صلاة؛ روى ابن ماجه بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ».
الخامس: أن تنوي أن تصلي بمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فالصلاة فيه بألف صلاةٍ. رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ».
السادس: أن تنوي أن تصلي بمسجد قُباء، فالصلاة فيه بعمرة؛ رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عن أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ».
السابع: أن تنوي أن تلتقي بإخوانك من كل أنحاء العالم، وتعرف مشاكلهم. قال الله -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)[الحجرات: 13].
أيها الحاجُّ عليك أن تتحرى المال الحلال؛ لتحجَّ به؛ فإن الله لا يقبل عمل من ماله حرام. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[المؤمنون: 51]، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)[البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟».
أيها الحاجُّ: يجب عليك أن تتعلم فقه الحج. فإن لم تجد من يعلمك مجانًا وجب عليك أن تستأجر من يعلمك بالمال، ويجب عليك أن تتعلمه مرات عديدة حتى تحفظه وتتقنه. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».
المحور الثاني: مناسك العمرة:
1- تطهر في بيتك، وقلِّم أظفاركَ، واحلق شعر الشارب، والعانة، والإبط.
2- واغتسل، والبس ملابس الإحرام عند السفر إلى الحج إن كنتَ سَتَمُرَّ على الميقاتِ وأنتَ في الطائرة، أو الباخرة.
3- إذا ركبتَ الطائرةَ أو الباخرةَ كَبِّرْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قُلْ دعاء السفرِ: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ».
4- إذا حاذيت الميقات قل: «لبيك اللهم عمرةً متمتِعا بها إلى الحجِّ»، ولبِّي رافعًا صوتَك بالتلبية «لَبَّيْكَ اللهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالملْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ»، وحينئذ اعلم أنه قد حرُمتْ عليك عدة أشياءَ، وهي محظوراتُ الإحرامِ.
5- اشغل نفسك بذكرِ الله، وإياك والتزاحمَ، وإيذاء الآخرين.
6- لا تتوقف عن التلبية حتى تدخل الحرم وتشرع في طواف القدوم، وحينما تدخل يستحب أن تقول دعاء دخول المسجد، وهو: «أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».
7- إذا رأيت الكعبة ارفع يديك، وقل: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ».
8- اذهب إلى الكعبة واضطبعْ، وإن استطعتَ أن تقبِّلَ الحجرَ الأسودَ فافعل، وإن لم تستطع فاستلمه بيدك، وإن لم تستطع فأشر إليه، وقل عند استلامه، أو الإشارة إليه: «بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ».
9- طُف سبعةَ أشواطٍ حولَ الكعبةِ مبتدأً بالحجر الأسود، وارمُل في الأشواط الثلاثة الأولى منه، وليس هناك دعاء خاص بكلِّ شوطٍ إلا ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقوله بين الركنين: اليماني، والحجرِ الأسود: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201].
10- بعد الانتهاء من طواف القدومِ غطِّ كتفكَ الأيمنَ، ولا تضطبعْ، ولا ترمل مرة أخرى، فلا اضطباع، ولا رملَ إلا في هذا الطواف، ولا اضطباعَ ولا رملَ على النساء.
11- صلِّ بعد الطواف خلف مقام إبراهيم ركعتي الطواف، واقرأ في الركعة الأولى بسورة الكافرون، وفي الركعة الثانية بسورة الإخلاص، فإن لم تستطع الصلاة خلف مقام إبراهيم فصلِّ في أي مكان من الحرَمِ.
12- اذهب إلى زمزم واشرب من مائِه حتى تشبع بنية الهداية، والاستقامة، والصحة، والشفاء من الأمراض، ونُصرة الإسلام، ونحو ذلك، فماء زمزم لما شُرِب له.
13- اذهب إلى الصفا والمروة، فإن اقتربت منها اقرأ قوله -تَعَالَى-: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)[البقرة: 158].
14- استقبل القبلة وقل: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، وكرر هذا الدعاء ثلاثًا، وادع الله بعده، ثم قل: «أبدأُ بما بدأَ اللهُ بِه».
15- اسعَ بين الصفا والمروة سبعًا، وارمل بين العلمين الأخضرين، وليس على النساء رملٌ، ومن الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط ثانٍ إلى أن ينتهي الطواف عند المروة.
16- احلق رأسك أو قصِّر، والحَلقُ أفضلُ، وإن كانت الفترة بين الحج والعمرة قصيرة فالتقصير أفضل حتى تحلق في الحج.
17- إذا انتهيت من الحلق، أو التقصير غيِّر ثيابك، وبهذا فقد تمت عمرتك.
• أكثر من الصلاة في المسجد الحرام، فإذا عجزت عن الصلاة قائمًا فصلِّ جالسًا فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة.
• أكثر من الطواف حول البيت؛ لأنها عبادة لا توجد إلا في المسجد الحرام.
المحور الثالث: مناسك الحج:
1- اغتسل، وتتطيب يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة قبل الضحى، ولبي بصوت مرتفع قائلًا: «لَبَّيْكَ اللهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ».
2- ثم اذهب إلى منًى، ولبِّي بالحجِّ قائلا: «لبيك اللهم حجًّا»، وصلِّ بها الصلوات الخمس قصرًا بدون جمعٍ.
3- ثم ابدأ في التحرك بعد شروق شمس يوم التاسع من منًى إلى عرفةَ، فإذا وصلت عرفةَ صلِّ ركعتين في مسجد نَمِرة في الجانب الأمامي منه، ثم اسمع خطبة عرفة، ثم صلّ الظهر والعصر قصرًا، وجمع تقديم.
4- وأكثر من التهليل، والتكبير، والتسبيح، وقراءة القرآن على عرفة حتى تغرب الشمس، وأكثر من قول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، فهو خيرُ ما قاله النبيون، ولا يشترط الصعود على جبل عرفة؛ لأن عرفة كلها موقف.
5- إذا غربت الشمس اذهب إلى مزدلفة، وصلِّ بها المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، ثم نم في مزدلفةَ، والنوم بها سُنةٌ.
6- ثم صلِّ الفجر، ثم استغفر الله وادعه حتى يُسفر الصبح (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)[البقرة: 200].
7- ثم تحرك من مزدلفة قبل شروق الشمس إلى منًى، وإذا مررت بوادي محسِّرٍ أسرع؛ لأنه الوادي الذي أهلك الله فيه أصحاب الفيل.
8- ثم ارمِ جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات، وكبِّر مع كل حصاة.
9- اذبح أو انحر، ولا بأس أن توكِّلَ أحدًا يذبحُ عنك.
10- ثم احلق رأسك، وبعد الرمي والحلق يجوز لك فعل كل شيء حُرّم عليك إلا النساء، وهذا يسمى بالتحلل الأول.
11- ثم طُف سبعةَ أشواطٍ حولَ الكعبةِ، وهذا يُسمى بطواف الإفاضة.
12- ثم اسعَ بين الصفا والمروة سبعًا وارمل بين العلمين الأخضرين، وليس على النساء رملٌ، والشوط يبدأ من الصفا وينتهي عند المروة.
هذه الأعمالُ الخمسة «الرمي، والحلق، والذبح، والطواف، والسعي» هي أعمال يوم العيد، لا حرج في تقديم بعض هذه الأعمال على بعض.
أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا.
وبعد: ثم تأتي أيام التشريق الثلاثة وهي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، وفيها اعمل الآتي:
1- ارمِ الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى كل جمرة بسبع حصيات، وذلك أيام التشريق الثلاث، وابدأ الرمي من بعد زوال الشمسِ من اليوم الحَاديَ عشر، والثانيَ عشر، والثَّالث عشـرَ، أي أنك سترمي كل يوم إحدى وعشرين حصاة.
صفة رمي الجمرة الصغرى: اجعل مكة عن يمينك، وارمِ سبع حصيات، وكبِّر مع كل حصاة، ثم تقدم نحو الكعبة وادعُ دعاء طويلًا بنحو سورة البقرة. وهذه الجمرة أبعد الجمرات عن مكة.
صفة رمي الجمرة الوسطى: اجعل مكة عن يسارك، وارمِ سبع حصيات، وكبِّر مع كل حصاة، ثم تقدم نحو الكعبة وادعُ دعاءً طويلًا بنحو سورة البقرة.
صفة رمي الجمرة الكبرى: اجعل مكة عن يسارك، وارمِ سبع حصيات، وكبِّر مع كل حصاة، ولا تدعُ بعدها.
2- ثم اذهب إلى الحرم لتطوفَ طواف الوداعِ سبعة أشواطٍ، وهو آخر مناسك الحج. فإذا انتهيت من مناسكك، يستحب لك أن تذهب إلى المدينة النبوية لتصلي في المسجد النبوي، وتزور قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-.
واعلم أن الصلاة بالمسجد النبوي بألف صلاة، والصلاة بمسجد قباء بعمرة.
الدعـاء...
ربنا أعنا ولا تُعن علينا، وانصرنا ولا تَنصر علينا، وامكُر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا، ويسِّر لنا الهدى، وانصرنا على من بغَى علينا.
اللهم اجعلنا لك شاكِرين، لك ذاكِرين، لك راهِبين، لك مُطواعين، لك مخبتين، إليك أوَّاهين منيبين.
ربنا تقبل توبتنا، واغسل حَوبتنا، وأَجب دعوتنا، وثبت حجتنا، واهدِ قلوبنا، وسدد أَلسنَتنا، واسْلُل سخيمةَ صدورنا.
اللهم إنا نعوذ بك من منكراتِ الأخلاق، والأعمال، والأهواء.
أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.
التعليقات