العزة والأمان في الترابط والإيمان

الشيخ خالد أبو جمعة

2025-10-10 - 1447/04/18 2025-10-12 - 1447/04/20
التصنيفات: بناء المجتمع
عناصر الخطبة
1/من أخص عادات الأمم البحث عن الكرامة والعزة 2/عزة أمة الإسلام في الإيمان 3/توضيح سبيل العزة والكرامة وسبيل الذلة والمهانة 4/رابطة الإسلام أفضل رابطة تجمع المسلمين 5/وجوب الحفاظ على المسجد الأقصى

اقتباس

إذا كانتِ الأممُ تجتمعُ على أُخُوَّةِ النَّسَبِ أو القبيلةِ أو الوطنِ أو الدنيا، فإنَّ المؤمنينَ يجتمعونَ على ميثاقٍ عظيمٍ وبُنيانٍ متينٍ، على عقيدةٍ وشريعةٍ واحدةٍ، وعلى نبيٍّ شريفٍ مُشرَّفٍ واحدٍ، وعلى قِبلةٍ مكرَّمةٍ معظَّمةٍ واحدةٍ؛ فالمؤمنونَ يحبُّونَ اللهَ ويعظُّمونه، ويطيعونه ويرجونَ لقاءَه...

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ الذي أمَّنَ أولياءَه بعزَّتِه ورحمتِه، وتولَّى الصالحينَ بحفظِه ولُطفِه، وجادَ عليهم بعونِه ونصرِه، مُستدرِج الكافرينَ بمكرِه، ومُذلِّ الظالمينَ بقهرِه، ومُصرِّفِ الأمورِ بأمرِه، كلٌّ بقضاءِ اللهِ وقدَرِه؛ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)[الْأَنْعَامِ:91].

 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، لا ربَّ لنا سواه، ولا نعبدُ إلَّا إيَّاه، مُخلِصينَ لهُ الدينَ ولو كرِهَ الكافرون.

 

وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وقائدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه -صلى الله عليه وسلم-، صبَرَ على طاعةِ الله، وصبَرَ على أقدارِ الله، وصبَرَ على إيذاء المشركين، فكانَ قُدوةَ الصابرينَ المحتسِبين، قُدوةً في الثباتِ مع اليقينِ بوعدِ اللهِ العظيم، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه، ومَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

عبادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- وأطيعوه، واعمَلوا في حياتِكم ما تجِدونه بعدَ مماتِكم، فإنَّ الدنيا دارُ عملٍ وابتلاءٍ وفَناءٍ، وإنَّ الآخرةَ دارُ جزاءٍ وراحةٍ وبقاءٍ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ:102].

 

أيها المرابطون: يقولُ الحقُّ -جلَّ في علاه- مُخاطِبًا رسولَه الأكرمَ -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[يُونُسَ:65].

 

عبادَ اللهِ: ما من أمةٍ إلَّا وتبحثُ عن كرامتِها وعزّتِها، وتأنَفُ من هوانِها وذِلَّتِها، ويذهبُ الناسُ كلَّ مذهبٍ بحثًا عن أسبابِ العزَّةِ والكرامةِ والرفعةِ والسيادةِ، إلَّا أنَّه لا يمكنُ لأمةِ الإسلامِ أن تحيا حياةً كريمةً عزيزةً إلَّا متى حقَّقتِ الإيمانَ باللهِ، وأسلمتْ لأمرِه، وانقادتْ لشرعِه، وتوكَّلتْ عليه، وآوتْ إلى ركنِه الشديدِ؛ فهو الناصرُ، والمؤيِّدُ، والمعينُ.

 

وهذا هو نهجُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ فهو -عليه الصلاةُ والسلامُ- يلوذُ بربِّه ومولاه، قائلًا: "اللهمَّ مُنزِلَ الكتابِ، سريعَ الحسابِ، اهزِمِ الأحزابَ، اللهمَّ اهزِمْهم وزلزِلْهم"، فاستجابَ اللهُ دعاءَ نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- في الوقتِ الذي أرادهُ اللهُ، في الوقتِ الذي حدَّدَه -جلَّ في علاه-، بعدَ تمحيصِ المؤمنينَ، وفضحِ المنافقينَ، ففلَّ جموعَ الكافرينَ، وخذَّل بينَهم، ثم أرسلَ عليهم ريحًا أطفأتْ نيرانَهم، وقلعتْ خيامَهم، وألقى الرعبَ في قلوبِهم، فانهزموا مدحورينَ، وفرُّوا صاغرينَ؛ (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا)[الْأَحْزَابِ:25].

 

قال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)[الْأَحْزَابِ:9]، تذكيرٌ للمؤمنينَ، يحثُّهم على التوكّلِ على ربِّ العالمين، والثباتِ على إيمانِهم ويقينِهم، والمسارَعةِ في إصلاحِ عهدِهم مع اللهِ، فيسألوه الظَّفَرَ والتمكينَ بقلوبٍ مستسلِمةٍ لحكمتِه، راجيةٍ لرحمتِه، لابسين ثوبَ الصبرِ في البأساءِ والضرّاءِ وحينَ البأسِ؛ (أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ:177].

 

وجاءَ خطابُهم بصيغةِ الجمعِ، في إشارةٍ جليلةٍ، ولَفْتةٍ كريمةٍ إلى ضرورةِ وحدتِهم واجتماعِ كلمتِهم على الحقِّ والخيرِ والصلاحِ.

 

أيُّها المؤمنون: إنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- هو العزيزُ، وربُّ العزّةِ هو وحدَه مَنْ يُعِزُّ ويُذِلُّ، فلهُ العزَّةُ جميعًا، يخفِضُ ويرفعُ، وقد أخبرَنا -سبحانه- عن سبيلِ العزَّةِ والكرامةِ وسبيلِ الذلَّةِ والمهانةِ، فقالَ -سبحانه-: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[الْمُنَافِقُونَ:8]؛ فالمؤمنونَ هم الذين آمنوا باللهِ واستسلَموا لشرعِه، هم أولياءُ اللهِ وأهلُ العزّةِ، والكافرونَ الذين خالَفوا أمرَ اللهِ وجانَبوا دِينَه وشرعَه وحاربوه، هم أهلُ الذلَّةِ والصغارِ؛ (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ * كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)[الْمُجَادَلَةِ:20-21].

 

وإذا كانتِ العزَّةُ للمؤمنين، فلنا أن نتساءلَ: كيف أحاطَ بنا الذلُّ والهوانُ إلى هذه الدرجة؟ كيفَ تداعتْ علينا الأممُ فصِرْنا كالأيتامِ على موائدِ اللئامِ؟ وكيف تفرَّقَ المسلمونَ إلى فِرَقٍ وأحزابٍ؟

 

الجوابُ واضحٌ: هو البعدُ عن شريعةِ اللهِ، هذا البعدُ الذي شتَّتَ شملَنا، وفرَّقَ جمعَنا، ومزَّقَ وحدتَنا، وإلَّا فأين نحنُ من قولِه -تعالى-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آلِ عِمْرَانَ:103]؟ فالاعتصامُ بحبلِ اللهِ المتينِ من أعظمِ أسبابِ الألفةِ والوحدةِ والاجتماعِ، فمتى اجتمعتِ الأمَّةُ على المنهجِ الربَّانيِّ، واعتصمتْ باللهِ إيمانًا وفَهْمًا وعملًا، جَمَعَ اللهُ قلوبَها، وألَّفَ بينَها، ووحَّدَ صفَّها، ونجَّاها من الفُرقةِ والتشرذمِ.

 

أيُّها المرابطون: ليس ثمَّةَ شيءٌ يجمعُ الناسَ مثل الإسلامِ؛ فهو الذي يجمعُ القلوبَ المتنافرةَ، ويُطفئُ الشرارةَ المُلتهبةَ، ويُزِيلُ شحناءَ النفوسِ مَهمَا تباعدَ الناسُ في أجناسِهم وألوانِهم وبلدانِهم ولُغاتِهم، ألم تسمعوا قولَه -تعالى-: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ)[الْأَنْفَالِ:63]؟! ففي قولِه -تعالى-: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ)إشارةٌ إلى أهمِّ خُطواتِ التمكينِ والنجاحِ والتوفيقِ والإنجازِ والترقِّي في سُلَّم الحضارةِ والمجدِ؛ وهو التآلُفُ والترابطُ والوحدةُ بين المؤمنينَ، هذا من خلالِ وحدتِهم واجتماعِ كلمتِهم.

 

وإنَّ التاريخَ يشهدُ أنَّ التفرُّقَ والاختلافَ من أهمِّ أسبابِ سقوطِ الدولِ وزوالِ الشوكةِ وضياعِ الهيبةِ، وقد أحسنَ أعداؤنا إتقانَ العملِ بقاعدةِ "فَرِّقْ تَسُدْ".

 

أيُّها الصابرون: إنَّ العقلاءَ من كلِّ مِلَّةٍ ونِحلةٍ، في القديمِ والحديثِ، قد اتَّفقوا على أنَّ الوحدةَ سبيلُ العزّةِ والظَّفَرِ، وأنَّ الفُرقةَ والاختلافَ تعودُ على الأمّةِ بالضَّعْفِ والفشلِ وذهابِ الريحِ، قال -تعالى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الْأَنْفَالِ:46].

 

ويقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بالجماعةِ، فإنَّما يأكلُ الذئبُ القاصيةَ"، فمن بركةِ الوحدةِ واجتماعِ الكلمةِ ووحدةِ الصفِّ أنَّها رحمةٌ وعِزَّةٌ وتمكينٌ، يقولُ النبيُّ الأمينُ -عليه الصلاةُ والسلامُ-: "الجماعةُ رحمةٌ، والفُرقةُ عذابٌ"، ومن بركةِ الاجتماعِ المعيَّةُ الإلهيةُ، معيَّةُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، كما أشارَ نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم-: "يدُ اللهِ مع الجماعةِ".

 

وإذا كانتِ الأممُ تجتمعُ على أُخُوَّةِ النَّسَبِ أو القبيلةِ أو الوطنِ أو الدنيا، فإنَّ المؤمنينَ يجتمعونَ على ميثاقٍ عظيمٍ وبُنيانٍ متينٍ، على عقيدةٍ وشريعةٍ واحدةٍ، وعلى نبيٍّ شريفٍ مُشرَّفٍ واحدٍ، وعلى قِبلةٍ مكرَّمةٍ معظَّمةٍ واحدةٍ؛ فالمؤمنونَ يحبُّونَ اللهَ ويعظُّمونه، ويطيعونه ويرجونَ لقاءَه، ولا يُقدِّمونَ مع اللهِ لونًا ولا عِرقًا ولا قوميةً ولا حزبيةً، يصدقُ فيهم قولُ النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلامُ- عن وحدتِهم: "المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشدُّ بعضُه بعضًا".

 

أيُّها المرابطون: إنَّ الإسلامَ يُربّي أتباعَه على العزَّةِ والإباءِ والكرامةِ؛ فلا ترى عَبدًا تربَّى على الإيمانِ والاستسلامِ للمَلِكِ الديَّانِ ذليلًا مَهِينًا، لا، فالمؤمنُ التقيُّ النقيُّ هو وليٌّ للهِ -تعالى-، عزيزٌ باللهِ، نالَ من العزَّةِ والشَّرفِ بقدرِ قربِه من اللهِ، فإنْ أردتُم عزَّةً حقيقيَّةً فاطلبوها ممَّن لا تتغيَّرُ عزَّتُه، فالتمِسوها من اللهِ العزيزِ الحكيمِ، قال -تعالى-: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)[فَاطِرٍ:10].

 

فأهلُ الإسلامِ أهلُ عزَّةٍ وإباءٍ، يُوقِنونَ أنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- هو -وحدَه- له القوَّةُ والمنعةُ والغلبةُ المطلقةُ، ومهما تقلَّبتِ الأحوالُ بالمسلمينَ، فإنّهم الأعلَونَ ما داموا مؤمنينَ، وعلى خالِقِهم متوكِّلينَ.

 

اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لم يخلقِ المؤمنينَ للهوانِ، ولم يُنْزِلْ عليهم القرآنَ ليكونوا دونًا بين الأنامِ، لا واللهِ، قال -تعالى-: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ)[الْأَنْبِيَاءِ:10]؛ أي: فيه عزُّكم وشرفُكم ورفعَتُكم؛ (أَفَلَا تَعْقِلُونَ)[الْأَنْبِيَاءِ:10].

 

أيُّها المسلمون: اعتصِموا باللهِ ربِّكم تُفلِحوا وتَسعدوا، فالاعتصامُ به عِصْمةٌ من الهلكةِ والهوانِ، ووقايةٌ وأمانٌ من الضياعِ والخِذلانِ، قال -تعالى-: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ:139].

 

أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم، فيا فوزَ المستغفرينَ، استغفِروا اللهَ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ الوليِّ النصيرِ، تولَّى عبادَه المتّقينَ الصابرينَ، ووعدَهم بالظَّفَرِ والتمكينِ، والصلاةُ والسلامُ على سيّدِ المرسلينَ، وإمامِ المتَّقينَ، سيِّدِنا محمدٍ، وعلى آلهِ وأصحابِه أجمعينَ في كلِّ وقتٍ وحينٍ.

 

أمَّا بعدُ، أيُّها المرابطون: المسجدُ الأقصى مكانٌ مقدَّسٌ قدَّسَه اللهُ وشرَّفَه؛ فهو مسجدٌ عظيمٌ مباركٌ، له مكانةٌ عاليةٌ في نفوسِنا، ومنزلةٌ رفيعةٌ في قلوبِنا، فهو عقيدتُنا وشريعتُنا؛ لذلك كان البُعدُ عنه قُرْبًا، والقربُ منه حُبًّا.

 

أيُّها الصابرون: إنَّ القدسَ والأقصى -تاريخًا وأرضًا ومقدَّساتٍ ومعالمَ- ميراثٌ لأهلِ الإسلامِ، ميراثٌ شريفٌ لا يَحِلّ التهاونُ فيه؛ فهو ميراثٌ وأمانةٌ، وعقيدةٌ وشريعةٌ، وهو حقيقةٌ تاريخيَّةٌ وروايةٌ مُسنَدةٌ أصليّةٌ جليّةٌ، وقضيّتُه قضيّةُ المسلمين أجمعينَ.

 

المسجدُ الأقصى ميزانٌ لإيمانِ الأُمَّةِ ووحدتِها ووعيِها، ومؤشِّرٌ لأدائها أمانةَ ربِّها، ومعيارٌ لصدقِها مع اللهِ، ومقياسٌ لوفائها لنبيِّها -صلى الله عليه وسلم-، فنسبُ المسجدِ الأقصى ملتصِقٌ بنا نحنُ أمّةَ الإسلامِ، فلا يجوزُ التفريطُ في شبرٍ منه، والمسجدُ الأقصى لا يَصلُحُ إلَّا أن يكونَ للمسلمينَ وحدَهم؛ لأنَّه لا يَقبَلُ القسمةَ ولا التقسيمَ، ولا يقبلُ المشاركةَ ولا الشراكةَ، بكلِّ مساحتِه (المائة وأربعة وأربعين دونمًا)، تحتَ الأرضِ وفوقَها إلى عنانِ السماء.

 

القدسُ لنا، والمسجدُ الأقصى لنا، واللهُ بقوّتِه معنا.

 

اللهم اقضِ حاجتَنا، ونفِّسْ كُربتَنا، وفرِّجْ همَّنا، واكشفْ غمَّنا برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ.

 

اللهم كُنْ لنا عونًا معينًا، وسندًا وظهيرًا، وناصرًا ومؤيِّدًا، اللهم ارحمنا بواسعِ رحمتِك، وارفعْ عنَّا البلاءَ، اللهم اجبرْ كسرَنا، وأطعِمْ جائعَنا، واسقِ ظمآنا، واحملْ حافينا، واكسِ عارينا، وداوِ جرحانا، وارحمْ موتانا، اللهم لطفًا بشيوخٍ ركُّعٍ، وأطفالٍ رُضَّعٍ، وزوجاتٍ رُمِّلْنَ، وأبناءٍ يُتّموا.

 

اللهم احفظِ المسجدَ الأقصى والمرابطينَ فيه، مسرى نبيِّك -عليه الصلاةُ والسلامُ-، وحصِّنه بتحصينِك المتينِ، واجعلْهُ في رعايتِكَ وعنايتِكَ وحرزِكَ وأمانِكَ وضمانِكَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.

 

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واغفرْ ذنوبَنا، واستُرْ عيوبَنا.

 

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ:90]، فاذكروا اللهَ يذكركم، واشكروه على نعمِه يزِدْكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ:45].

 

المرفقات

العزة والأمان في الترابط والإيمان.doc

العزة والأمان في الترابط والإيمان.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات