عناصر الخطبة
1/الإسلام وحفظ الضروريات الخمس 2/خطورة المخدرات والمسكرات 3/تحريم الدخان والمعسل 4/النهي عن كل مُفتّر.اقتباس
الدخان والمعسل وما جرى مجراه من التنباك والشمة، وما شابهه من القات ونحوها كلها مفتراتٌ يدمن عليها صاحبها، وهي في جملة الخبائث عند عامة العقلاء، ولهذا هي محرمةٌ في شرع الله -جَلَّ وَعَلا-، ولما فيها من أضرارٍ على البدن، ولهذا أصحاب هذه الأمور تجدهم مبتلون بأمراض الصدر وأمراض الرئتين وأمراض السرطان....
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
أيها المؤمنون: جاءت الشرائع الإلهية كلها بحفظ الضروريات الخمس؛ وهذه الضروريات الخمس هي حفظ النفس وحفظ العقل وحفظ المال وحفظ العرض، وأهم من ذلك كله حفظ الدين.
وإنه ما فشا بين الناس من هذه المخدرات والمسكرات، وما يجري مجراها من أنواع المُدْمَنَات كالتبغ بأنواعه، والمعسل المسمى عند الناس بالشيشة، وكذلك التنباك والشمة، والقات، وما جرى مجراها، من تأمل فيها تأمل العاقل وتأمل المتدبر وجد أنها تتعرض لثلاثٍ من الضروريات الخمس؛ تتعرض للدين أولاً، وتتعرض للمال ثانيًا، وتتعرض للبدن والصحة ثالثًا.
ولقد بعث الله محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بشريعةٍ كاملةٍ تامة وبشريعةٍ سمحةٍ عدلة، وفيها: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الْخَبَائِثَ)[الأعراف: 157].
فالتبغ -يا عباد الله- المشتمل على الدخان والمعسل، وكذلك ما جرى مجراه من التنباك والشمة، وما شابهه من القات ونحوها كلها مفتراتٌ يدمن عليها صاحبها، وهي في جملة الخبائث عند عامة العقلاء، ولهذا هي محرمةٌ في شرع الله -جَلَّ وَعَلا-، ولما فيها من أضرارٍ على البدن، ولهذا أصحاب هذه الأمور تجدهم مبتلون بأمراض الصدر وأمراض الرئتين وأمراض السرطان، وهذا ما اتفق عليه كبار الأطباء وعقلاؤهم.
وفيها إنفاقٌ للمال؛ فلو أن واحدًا من الناس أنفق في كل يومٍ ثلاثين ريالاً يوقدها بالنار لعُدَّ عند عامة العقلاء سفيهًا لا يحسن التصرف في ماله، هذا ما يقع في الدخان، وما يقع أضعافه في المعسل والشيشة وما جرى مجراها.
واعلموا -عباد الله- أنكم مستهدفون في أنفسكم، ومستهدفون في أولادكم ونسائكم وأهليكم مِن قِبَل أعدائكم، ولا تزال الأخبار تتلو مرةً بعد مرة في القبض على هؤلاء المهربين وجهاتهم من ورائهم، وآخرها ما جاءكم من جهة لبنان من هذا الحزب الشيطاني الذي يريد إدخال الفساد والإفساد على مجتمعنا، في شبابنا وشباتنا وأبنائنا وبناتنا.
فاحذروا عباد الله، احذروا هذه المزالق، واحفظوا دينكم، واحفظوا أموالكم، واحفظوا صحتكم وأبدانكم تسعدوا في حياتكم، وتطيعوا ربكم -سبحانه وَتَعَالى-.
نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ عَلَى إحسانه، والشكر له عَلَى توفيقه وامتنانه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إعظامًا لشأنه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الداعي إِلَى رضوانه، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ومن سلف من إخوانه، وسار عَلَى نهجهم، واقتفى أثرهم، واتبعهم وأحبهم وذبَّ عنهم إِلَى يوم رضوانه، وَسَلّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مزيدًا.
أَمَّا بَعْدُ: يا عباد الله: فقد ثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أنه نهى عن كل مسكرٍ ومفتر؛ فالمسكر يدخل في عموم المسكرات والمخدرات من حبوبٍ متناولة أو مشموماتٍ أو ما يتعلق بها، والمسكرات تعرفونها تسمى بالخمر شرعًا، وتسمى عند الناس بأسماء كثيرة، منها العرق، ومنها مشروبات الفرفشة، ومنها الويسكي والشامبانيا... وما إلى ذلك، تحقيقًا لما أخبر به -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- في علامةٍ من علامات الساعة حيث قال: "لا تقوم الساعة حتى تُشرب الخمر تُسمى بغير اسمها، ولا تقوم الساعة حتى يؤكل الربا يُسمى بغير اسمه".
ونهى -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- في لفظه الجامع عن كل مُفتّر، ويشمل هذا أنواع التنباك، ما كان ممضوغًا أو مشمومًا أو مستنشقًا عبر الدخان والمعسلات والشيشة، ويشمل أيضًا ما بُلي به الناس مما يسمى بالجات في تخزينه، فهذا كله داخلٌ في مشمول نهي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- عنه، والنهي عن النبي -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلام- في هذا الدين الحنيف يقتضي تحريم هذا الفعل تحريمًا يأثم فاعله.
ثم اعلموا -عباد الله- كيف بدأت هذه القصة في أول الناس؛ بدأت في أولها في تعاطي هذه المشروبات وهذه المشمومات خفية، ثم تطوَّر الأمر إلى أن أصبحت عند الرجال وعند الشباب وعند الصغار نوعًا من أنواع المرجلة يدّعونها، ثم تطور الأمر إلى أن أصبحت ضيافةً للناس لا سيما في عزائهم وفي أفراحهم، تطوَّر الأمر إلى هذه الشيشة، فأصبحت مظهرًا عند النساء قبل الرجال، وعند البنات قبل الشباب، وما ذلك كله -يا عباد الله- إلا قلةٌ في الوازع الديني أولاً، وقلةٌ في التناصح بين الناس ثانيًا، وقلةٌ في التربية من الآباء والأولياء لمن تحت أيديهم ثالثًا.
فاتقوا الله -عباد الله-، وراقبوه، وانتهوا عن هذه الممارسات المحرمة شرعًا، الضارة على أبدانكم، الممحقة لأموالكم.
ثُمَّ اعلموا -عباد الله- أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وَخِيرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَى الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ وارضَ عن الأربعة الخلفاء، وعن المهاجرين والأنصار، وعن التابع لهم بإحسانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وعنَّا معهم بمنِّك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللَّهُمَّ عِزًّا تعزّ به الإسلام وأهله، وذِلاً تذلّ به الكفر وأهله، اللَّهُمَّ أبرِم لهذِه الأُمَّة أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم أرسل السماء علينا مدرارًا، اللهم رحمةً ترحم بها حالنا، وترحم بها شيوخنا، وترحم بها بهائمنا.
اللهم إنك ترى ما بنا من الحاجة واللأواء، اللهم فارحمنا برحمتك الواسعة، اللهم ارحم هؤلاء الشيوخ الركع والبهائم الرتع، اللهم أغثنا، اللهم غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سحًا طبقًا مجللاً.
اللهم سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا نصب، اللهم أغث بلادنا بالأمطار والأمن والخيرات، وأغث قلوبنا بمخافتك وتعظيمك وتوحيدك، يا ذا الجلال والإكرام، لبلدنا هذا خاصة، ولبلاد المسلمين عامةً، يا رب العالمين.
اللهم عزًا تعز به الإسلام وأهله، وذلاً تذل به الشرك والكفر وأهله، يا قوي يا عزيز، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم خذ بناصيته ومستشاريه إلى البر والتقوى، اللهم اجعلنا وإياهم هداةً مهديين ممن يقولون بالحق وبه يعدلون.
اللهم من ضارنا أو ضار المسلمين فضره، ومن مكر بنا فامكر به، يا خير الماكرين، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان، في بلاد الشام، وفي كل مكانٍ، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم كن لهم وليًا ونصيرًا وظهيرًا، اللهم أفرغ عليهم الصبر إفراغًا.
اللهم إن هؤلاء تتابعوا عليهم، اللهم ولا ناجي لهم ولا منجي ولا حسب إلا أنت، أنت حسبنا ونعم الوكيل، اللهم كن لجنودنا المرابطين على حدودنا، اللهم سدد رأيهم ورميهم، وأعذنا وإياهم من عدوك وعدونا يا رب العالمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات.
عباد الله: إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، اذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَى نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم