عناصر الخطبة
1/تعريف الكبر 2/ أسباب الكبر وعلامات المتكبرين 3/أنواع الكبر وأقسامه 4/ آثار الكبر وسبل علاجه 5/ جزاء المتكبرين.اقتباس
وَأَسْبَابُ الْكِبْرِ وَبَوَاعِثُهُ – أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ – أَرْبَعَةٌ: الْعُجْبُ، وَالْحِقْدُ، وَالْحَسَدُ، وَالرِّيَاءُ؛ فَالْكِبْرُ خُلُقٌ بَاطِنٌ، وَمَا يَظْهَرُ عَلَى الْجَوَارِحِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْكِبْرِ فَهِيَ ثَمَرَةٌ وَنَتِيجَةٌ لِلْكِبْرِ الْبَاطِنِيِّ؛ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْظَامِ...
الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النِّسَاء:1]، أما بعد:
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: اعْلَمُوا أَنَّ الْكِبْرَ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُهْلِكَاتِ، وَهُوَ سِمَةُ السُّفَهَاءِ، وَلَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْأَرَاذِلِ الْجُهَلَاءِ، وَلَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ مِنْهُ، وَإِزَالَتُهُ فَرْضُ عَيْنٍ، وَلَكِنَّهُ لَا يَزُولُ بِالتَّمَنِّي؛ بَلْ بِالْمُعَالَجَةِ وَاسْتِعْمَالِ الْأَدْوِيَةِ الْقَامِعَةِ لَهُ، وَإِذَا عَرَفَ الْعَبْدُ رَبَّهُ؛ عَلِمَ أَنَّهُ لَا تَلِيقُ الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ إِلَّا بِهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
وَالْكِبْرُ دَفْعُ الْحَقِّ وَاِحْتِقَارُ النَّاسِ؛ فَعَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ"؛ فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً؟ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ".
وَالْكِبْرُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْعُجْبِ وَالْبَغْيِ، وَأَيُّ قَلْبٍ امْتَلَأَ بِالْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، تَرَحَّلَتْ مِنْهُ الْعُبُودِيَّةُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الْمَقْتُ، فَيَمْشِي بَيْنَهُمْ تَبَخْتُرًا، يَسْتَأْثِرُ نَفْسَهُ بِالْأَشْيَاءِ وَلَا يُؤْثِرُ أَحَدًا، وَلَا يَرَى لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَقًّا، وَلِأَهْلِ الْكِبْرِ صِفَاتٌ وَعَلَامَاتٌ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: الِاسْتِهْزَاءُ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَاتِّخَاذُهَا مَادَّةً لِلسُّخْرِيَةِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)[الْجَاثِيَةِ: 7-8].
وَمِنْ صِفَاتِهِمْ: اسْتِكْبَارُهُ عَنِ الْحَقِّ، وَاحْتِقَارُ النَّاسِ، وَحُبُّهُ قِيَامَ النَّاسِ لَهُ، وَجُلُوسُهُ فِي صُدُورِ الْمَجَالِسِ، وَمَشْيُهُ مُتَبَخْتِرًا، وَأَنَّهُ لَا يَمْشِي غَالِبًا إِلَّا وَمَعَهُ أَحَدٌ يَمْشِي خَلْفَهُ، وَلَا يَزُورُ أَحَدًا تَكَبُّرًا عَلَيْهِمْ، وَيَسْتَنْكِفُ جُلُوسَ أَحَدٍ إِلَى جَانِبِهِ، وَلَا يَتَعَاطَى فِي بَيْتِهِ شُغْلًا، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَمنَ عَلَامَاتِ التَّكَبُّرِ أَيْضًا: مَا تَكُونُ فِي شَمَائِلِ الرَّجُلِ كَتَصْعِيرِ خَدِّهِ، وَنَظَرِهِ شَزَرًا، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)[لُقْمَانَ:18-19].
وَأَسْبَابُ الْكِبْرِ وَبَوَاعِثُهُ – أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ – أَرْبَعَةٌ: الْعُجْبُ، وَالْحِقْدُ، وَالْحَسَدُ، وَالرِّيَاءُ؛ فَالْكِبْرُ خُلُقٌ بَاطِنٌ، وَمَا يَظْهَرُ عَلَى الْجَوَارِحِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْكِبْرِ فَهِيَ ثَمَرَةٌ وَنَتِيجَةٌ لِلْكِبْرِ الْبَاطِنِيِّ؛ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْظَامِ النَّفْسِ، وَرُؤْيَةِ قَدْرِهَا فَوْقَ قَدْرِ الْغَيْرِ.
وَلِلْكِبْرِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: التَّكَبُّرُ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكِبْرِ، وَيَصْدُرُ مِنْ كُلِّ مَنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ كَفِرْعَوْنَ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ تَوَعَّدَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غَافِرَ:60].
الثَّانِي: التَّكَبُّرُ عَلَى رُسُلِ اللَّهِ، مِنْ حَيْثُ تَعَزُّزُ النَّفْسِ، وَتَرَفُّعُهَا عَنِ الِانْقِيَادِ لِبَشَرٍ مِثْلِ سَائِرِ النَّاسِ، وَهَذَا يَصْرِفُ عَنِ الْفِكْرِ وَالِاسْتِبْصَارِ، فَيَبْقَى فِي ظُلْمَةِ الْجَهْلِ بِكِبْرِهِ، فَيَمْتَنِعُ عَنِ الِانْقِيَادِ، وَلَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ لِلْحَقِّ وَالتَّوَاضُعِ لِلرُّسُلِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ –عَزَّ وَجَلَّ–: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا)[الْفُرْقَانِ: 21].
الثَّالِثُ: التَّكَبُّرُ عَلَى الْخَلْقِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَعْظِمَ نَفْسَهُ وَيُحَقِّرَ غَيْرَهُ، فَتَأْبَى نَفْسُهُ عَنِ الِانْقِيَادِ لَهُمْ، وَتَدْعُوهُ إِلَى التَّرَفُّعِ عَلَيْهِمْ، فَيَزْدَرِيهِمْ وَيَسْتَصْغِرُهُمْ، وَيَأْنَفُ مِنْ مُسَاوَاتِهِمْ، وَلِذَلِكَ شَرَحَ رَسُولُ اللَّهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– الْكِبْرَ بِآفَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: "الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ؛ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللَّهِ: وَالْكِبْرُ يُعَالَجُ بِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: اسْتِئْصَالُ شَجَرَتِهِ مِنَ الْقَلْبِ، وَوَسِيلَةُ ذَلِكَ أَنْ يَعْرِفَ الْإِنْسَانُ رَبَّهُ وَيَعْرِفَ نَفْسَهُ؛ (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)[الانفطار: 6].
الثَّانِي: مِنْ تَكَبَّرَ بِالنَّسَبِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا تَعَزُّزٌ بِكَمَالِ غَيْرِهِ، وَمِنْ اعْتَرَاهُ الْكِبْرُ بِالْجَمَالِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى بَاطِنِهِ وَأَقْذَارِهِ نَظَرَ الْعُقَلَاءِ، وَمِنْ اعْتَرَاهُ الْكِبْرُ بِالْقُوَّةِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ آلَمَهُ عِرْقٌ عَادَ أَعْجَزَ مِنْ كُلِّ عَاجِزٍ، وَمِنْ تَكَبَّرَ بِسَبَبِ الْمَالِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْيَهُودَ أَغْنَى مِنْهُ وَهُمْ شَرُّ خَلْقِ اللَّهِ، وَقَدْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ، وَمِنْ تَكَبَّرَ بِسَبَبِ الْعِلْمِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْعَالِمِ أَكْثَرُ مِنَ الْجَاهِلِ.
أيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ عَاقِبَةَ الْكِبْرِ وَعُقُوبَتَهُ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ فَمِنْ عُقُوبَةِ الْمُتَكَبِّرِ فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ يُخْسَفُ بِهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَحْكِي عَاقِبَةَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يَخْتَالُ فِي مَشْيَتِهِ كِبْرًا وَعَجَبًا بِثِيَابِهِ: "إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"؛ وَكَمَا حَكَى الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ عَنْ قَارُونَ؛ (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ)[الْقَصَصِ: ٨١].
وَمِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ لِلْمُتَكَبِّرِينَ فِي الدُّنْيَا: تَسْلِيطُهُ الْآيَاتِ الْمُهْلِكَةِ، وَالْأَزَمَّاتِ وَالْمَصَائِبِ وَالْأَمْرَاضِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ كَانَتْ عُقُوبَةُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ بِذَلِكَ، جَزَاءً لِاسْتِكْبَارِهِمْ؛ (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ)[الأَعْرَافِ: ١٣٣].
أَمَّا فِي الآخِرَةِ فَإِنَّ الْعَذَابَ وَالْجَحِيمَ جَزَاءُ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ؛ (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ)[الأَحْقَافِ: ٢٠]، وَقَالَ -تَعَالَى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غَافِر:٦٠].
وَالْكِبْرُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مُوجِبٌ لِلْحِرْمَانِ مِنَ الْجَنَّةِ؛ (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ)[الأَعْرَافِ: ٤٠]، وَفِي الْحَدِيثِ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَالذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالتَّحْقِيرُ هُوَ مَصِيرُ الْمُتَكَبِّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فِي الْحَدِيثِ: "يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَرِّ فِي صُورِ الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنِيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عَصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ؛ طِينَةُ الْخِبَالِ"(حَسَّنَهُ الألْبَانِي).
فَمَا أَخْسَرَ هَؤُلَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ! وَأَيُّ خَسَارَةٍ أَكْبَرُ مِنْ خَسَارَةِ الإِيمَانِ وَالْيَقِينِ فِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ خَسَارَةُ الرِّضْوَانِ وَالنَّعِيمِ فِي الآخِرَةِ؟ ثُمَّ الْعَذَابُ الَّذِي يَحِقُّ عَلَى الْجَاحِدِينَ الْمُسْتَكْبِرِينَ؟
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ الْكِبْرَ عَنْ نَفْسِهِ؛ بِأَنْ يَعْرِفَ أَصْلَهُ وَنَشْأَتَهُ وَفَقْرَهُ، وَيَعْرِفَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَيَتَذَكَّرَ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَاقِبَةَ الْمُتَكَبِّرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَتَصَوَّرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَلَدٌ عَلَى ذَلِكَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أُئِمَّتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا وَارْزُقْهُمْ الْبَطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا وَالِدَيْنَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: ٥٦].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم