احفظ الله يحفظك خطبة مختصرة

عبدالرحمن سليمان المصري
1447/04/03 - 2025/09/25 20:48PM

احفظ الله يحفظك

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أنعم على من شاء بالهداية والتوفيق ، وحبب إليهم الطاعات ، فصارت لهم خير أنيس ورفيق ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى ﴿ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ﴾

عباد الله : إن الكتاب والسنة ؛ هما الصراط المستقيم الذي أمر الله عباده بالتزامه ، ﴿وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ﴾ الأنعام:153.

وإن الثبات على طاعة الله ، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ؛ هو سبيل النجاة في الدنيا والآخرة ، ﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾الأحقاف:13 ، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبدالله بن عباس رضي الله عنهم ا بوصايا عظيمة ، له وللأمة جميعها ، قال ابن عباس : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما، فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات، ‌احفظ ‌الله ‌يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" رواه الترمذي بسند صحيح .

قال بعض السلف: إذا أردت أن توصي صاحبك أو أخاك فقل له: احفظ الله يحفظك .أ.هـ. ، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم "احفظ الله" أي: احفظ أوامره بامتثالها، واحفظ نواهيه باجتنابها، واحفظ حقوقه بمعرفتها وأدائها، واحفظ حدوده فلا تتجاوز ما أمر به إلى ما نهى عنه ، فمن راقب الله وحفظه في السر والعلانية ؛ نال الكرامة في الدنيا والاخرة ، قال تعالى: ﴿ هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب﴾ .

عباد الله: ومن أعظم ما يجب حفظه من أوامر الله ؛ الصلاة ، بالتبكير لها ، وإتمام ركوعها وسجودها ، وحضور القلب عند أدائها ، قال تعالى: ﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ﴾البقرة:238،ومدح المحافظين عليها بقوله: ﴿ والذين هم على صلاتهم يحافظون * أولئك في جنات مكرمون ﴾ المعارج:34-35. 

عباد الله: ومن الأمور التي يجب على العباد حفظها ؛ الجوارح ، بحفظ الرأس وما وعى ، من اللسان والسمع والبصر والقلب ، قال تعالى: ﴿ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ﴾الإسراء:34 ، وكذا بحفظ البطن وما حوى ، بالتعفف عن أكل الحرام ، وحفظ الفرج عن الآثام ، قال تعالى : ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون ﴾ ، وقال صلى الله عليه وسلم " من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، ‌أضمن ‌له ‌الجنة " رواه البخاري .

عباد الله: وأما حفظ الله عز وجل للعبد الذي حفظ أمر الله ، فهو حفظ له في دينه ودنياه ، فيحفظ عليه إيمانه ، ويحول بينه وبين المعصية ، من الشبهات المضلة ، والشهوات المهلكة ،  فالشهوة تفسد الدين ، والشبهة تزلزل اليقين ، وحفظ الله للعبد عند الموت ، من أن يتخبطه الشيطان ، قال تعالى: ﴿ وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون ﴾البقرة:40.

عباد الله: وأما حفظ الله للعبد في الدنيا ؛ بأن يحفظه في نفسه وسمعه وبصره وعقله ، والجزاء من جنس العمل ، فمن حفظ الله في صباه وقوته ، حفظها الله عليه في حال كبره وضعفه ، ويحفظ عليه أهله وماله ، فصلاح الآباء يكون سببا في حفظ الأبناء ، قال سعيد بن المسيب لابنه: ‌لأزيدن ‌في ‌صلاتي ‌من ‌أجلك، رجاء أن أحفظ فيك، ثم تلا هذه الآية ﴿ وكان أبوهما صالحا ﴾الكهف:82.

وقال ابن المنكدر: إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده ، وولد ولده ، والدويرات التي حوله فما يزالون في حفظ من الله وستر .أ.ه .

قال تعالى: ﴿  وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا  ﴾النساء:9.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. 

 

       

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا  ،       أما بعد :

عباد الله: إن من حفظ حدود الله، وراعى حقوقه ، وجد الله معه في كل أحواله حيث توجه ، "احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك " وفي رواية: " تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة "وهذه معية الله عز وجل الخاصة بأوليائه ، بالحفظ والنصر والتأييد،  والتوفيق والتسديد ، ﴿ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴾ النحل: 128.

عباد الله: إن المداومة على العمل الصالح في حال الرخاء ، لترفع صاحبها المنازل العالية ، قال تعالى: ﴿ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾ فاطر:10 ، وقال في الحديث القدسي: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ".

فالله عز وجل يلطف بأوليائه وعباده الصالحين ، ويتولاهم في حال الشدائد والكرب ، فيفرج همومهم ، وينفس كربهم ، ويكشف شدتهم ، قال الله عن يوسف عليه السلام : ﴿ كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ﴾ .

عباد الله: إن نبي الله يونس عليه السلام ، لما سقط في لجج البحر وابتلعه الحوت ، وصار في ظلمات ثلاث، ظلمة البحر، وظلمة الليل ، وظلمة جوف الحوت ، فلا أحد يعلم مكانه ، ولا أحد يسمع كلامه، فدعا ربه وهو على هذه الحال ، لا إله إلا أنت سبحانك ، إني كنت من الظالمين ، فسمع الله نداءه ، وأجاب دعاءه ، ﴿فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون﴾، فمن قدم العمل الصالح ، في حال الرخاء ، كشف الله كربه وفرج همه ، في حال البلاء ، ﴿ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين﴾

قال قتادة : من كان مع الله عز وجل كان الله معه ، ومن كان الله عز وجل معه ؛ كان معه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل .أ.هـ.

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين ، واحفظنا بالإسلام قاعدين ، واحفظنا بالإسلام راقدين ، ولا تشمت فينا عدوا ولا حاسدا ، يا رب العالمين .

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، فقال تعالى: ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

المرفقات

1758822452_احفظ الله يحفظك خطبة 2.docx

1758822454_احفظ الله يحفظك خطبة 2.pdf

المشاهدات 566 | التعليقات 0