خطبة عن( الحج +عرفة+ العيد+ الأضحية) شاملة ومختصرة
سعيد الشهراني
خطبة ( الحج +عرفة+ العيد+ الأضحية )
سعيد سيف الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذِي فاضلَ بين الليالي والأيام، فجعلَ عشر ذي الحجة خيرَ الأيام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملِكُ العلاّم، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله سيّدُ الأنام، صلِّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ما تعاقبتِ الليالي والأيام.
أمّا بعدُ: فَاتقوا الله أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَفِي تَقْوَاهُ النَّجَاةُ، قَالَ تَعَالَى (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: ها نحن في أَيَّامِ الْعَشْرِ الفَاضِلَةِ وَالَّتِي سَرَعَانَ مَا تَمُرُّ وَتَنْقَضِي كَما مَرَّ غَيْرُهَا، والعملُ الصالحُ فيها أفضلُ وأحبُّ إلى اللهِ تعالى من العملِ في سائرِ الأيّامِ، قالَ رسولُ اللهِ ﷺ(ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قالَ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلَّا رجلًا خرجَ بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ). ويُستحبُّ في هذه العشرِ الإكثارُ من التّكبيرِ، لقولِ النبي ﷺ(فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ). وصيغة التكبير: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.
عباد الله: ومِن أفضلِ ما يَتقرّبُ به العبدُ لربِّه في هذه العشرِ حَجُّ بيتِ اللهِ الحرامِ لمن استطاعَ إليه سبيلًا، وهَوُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ مُسْتَطِيعٍ، وَقَدْ أَكَّدَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا الْأَصْلَ، فَخَطَبَ النَّاسَ بِقَوْلِهِ:( أيُّها النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الْحَجَّ، فَحُجُّوا) رواه مسلم، ومِمَّا نُوصِيكَ بِهِ أَيُّهَا اَلْحَاجُّ اَلْمُبَارَكُ بَعْدَ تَقْوَى اَللَّهِ تَعَالَى: اَلْعَلَمُ والعمل بِأَحْكَامِ اَلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ والعمل بِإِرْشَادَاتِ اَلسَّلَامَةِ فِي اَلْحَجِّ، وَالَّتِي أَوْصَتْ بِهَا وَزَارَةُ الصِّحَّةِ فِيِ هَذِهِ الْبِلَادِ مِنْ تَجَنُّبِ اَلزِّحَامِ، وَعَدَمِ اَلتَّدَافُعِ، وَتَجَنُّبِ تَسَلُّقِ اَلْمُرْتَفَعَاتِ. وكَذَلِكَ أَوْصَتْ بِكَثْرَةِ شُرْبِ اَلْمِيَاهِ، وَحَمْلِ اَلْمَظَلَّةِ، وَارْتِدَاءِ اَلْكِمَامَةِ فِي اَلزِّحَامِ اَلشَّدِيدِ، وَكَذَلِكَ أَوْصَتْ بِاَلِاعْتِنَاءِ بِالنَّظَافَةِ اَلشَّخْصِيَّةِ كَنَظَافَةِ اَلْبَدَنِ وَالثِّيَابِ وَالْمَكَانِ؛ جَعْلُ اَللَّهِ حَجَّكُمْ مَبْرُورًا، وَسَعْيكُمْ مَشْكُورًا، وَذَنْبَكُمْ مَغْفُورًا.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمٌ فَاضِلٌ جِدًّا، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَقَدْ ثَبَتَتِ السُّنَّةُ بِالْحَثِّ عَلَى عَمَلَيْنِ فِيهِ (الْأَوَّلُ) الإِكْثَارُ مِنْ قَوْلِ [لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] طُوَالَ هَذَا الْيَوْمِ سَوَاءٌ كَانَ الإِنْسَانُ حَاجًّا أَمْ لا، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) رواهُ الترمِذِيُّ.وأما الْعَمَلُ (الثَّانِي) الصَّوْمُ لِغَيْرِ الْحُاجِّ، وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَن صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَمَّا الحَاجُّ فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ أَنْ يُفْطِرَ يَوْمَ عَرَفَةَ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: وَأَمَّا يَومُ عِيدِ الأَضْحَى فِإنَّهُ يُشْرَعُ فِيهِ لِغَيْرِ الحَاجِّ عِبَادَتَانِ عَظِيمَتَانِ، الأُولَى: صَلَاةُ العِيدِ، وَالثَّانِيَةُ: ذَبْحُ الأَضَاحِي، فأَمَّا صَلَاةُ العِيدِ: فَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الإِسْلامِ يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ مُرَدِّدِينَ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ؛ وَصَلاةُ العِيدِ وَاجِبَةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَي العُلَمَاءِ، وَهِيَ سُنَّةٌ في حَقِّ النِّسَاءِ، وَأَمَّا الأُضْحِيَةُ فَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمِنْ هَدْيِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ، وَبَعْضُ العُلَمَاءِ أَوْجَبَهَا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه. وَمَعْنَى (سَعَةٌ) أَيْ اسْتِطَاعَةٌ، وَعَلَيْهِ فَمَنَ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَيْسَ لَهُ وَفَاءٌ أَوْ كَانَ دَخْلُهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ وَحَاجِةِ مَنْ يَعُولُ فَلا يُضَحِّي لِأَنَّ الأُضْحِيَةَ سُنَّةٌ وَسَدَادُ الدَيْنِ وَاجِبٌ فَلْيُنْتَبَهُ لِهَذَا!، واعْلَمُوا أَنَّ السُنَّةَ فِي الأُضْحِيَةِ: أَنْ تَكُونَ عَن الأحياء، فَيُضَحِّي الرَّجُلُ عَن نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الأَحْيَاءِ منهم وكذلك عن الأَمْوَاتِ فَيَشْمَلُهُم الأَجْرُ بإذن الله.
وَمِنَ السُّنَنِ الخَاصَّةِ بِعِيدِ الأَضْحَى أَنْ لَا يَأْكُلَ حَتَّى يَرْجِعَ مِنَ مُصَلَّاهُ، فَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ (لَا يَخْرُجُ يَوْمَ اَلْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ اَلْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ) رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَمِنْ سُنَنِ العِيدِ أيضاً: التَّكْبِيرُ والاغْتِسَالُ وَلُبْسُ أَحْسِنِ الثِّيَابِ والتَّطَيِّبُ، وَالذَّهَابُ مِنْ طِرِيقٍ إِلَى الْمُصَلَّى وَالعَوْدَةُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، واصْطِحَابُ الأَطْفَالِ للاسْتِمَاعُ إِلَى خُطْبَةِ العِيدِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي بَرَكَةِ ذَلِكَ اليَوْمِ. فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، يوالي على عبادِه مواسمَ الخيرِاتِ، ليكفّرَ عنهم السيئاتِ، ويرفعَ لهم الدرجاتِ، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه.
أَمَّا بَعْدُ: اتقوا الله واعلموا أنَّ الأُضْحِيَةَ لا تَصِحُّ إِلا بِالشُّرُوطِ التَّالِيَةِ :
الشرط الأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهِي: الِإبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ، والشرط الثَّانِي: أَنْ تَبْلُغَ السِّنَّ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعًا وَهِيَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ للضَّأْنِ، وَسَنَةٌ للْمَعْزِ، وَسَنَتَانِ للْبَقَرِ، وَخَمْسُ سِنِينَ للإِبِلِ، فَلَا يُجْزِئُ مَا دُونَ ذَلِكَ، والشرط الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِن العُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ. وَهِيَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ اَلْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ ﷺ فَقَالَ ( أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي اَلضَّحَايَا: اَلْعَوْرَاءُ اَلْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ اَلْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ اَلْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْعَجْفَاءُ اَلَّتِي لَا تُنْقِي) رَوَاهُ اَلْخَمْسَة، وأما الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يُضَحِّىَ بِهَا فِي الوَقْتِ الْمَحْدَّدِ شَرْعًا، وَهُوَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ فَرَاغِ صَلاةِ العِيدِ، أَوْ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ الثَّالِثَ عَشَرَ لمْ تَصِحَّ أُضْحِيَتُهُ. وَالذَّبْحُ يَوْمَ العِيدِ أَفْضَلُ لأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ التِي هِيَ أَفْضُلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَلِمَا فِيهِ مِن الْمُبَادَرَةِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، فاتّقوا اللهَ رحمكم الله، واشكروه على أنْ بلّغَكم هذه العشرَ المباركةَ، وعليكم بيوم عرفة فشَمِّرُوا وَجِدُّوا وَأَقْبِلُوا عَلَى رَبِّكُمْ جَلَّ وَعَلا فيه، فَقَدْ دَعَاكُمْ وَأَدْنَاكُمْ وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْكُمْ، فَانْقَطِعُوا فِي هَذا الْيَوم خَاصَّةً عَمَا سِوَاهُ وَلا يَشْغَلَنَّكُم شَاغِلٌ عَن الدُّعَاءِ، اطْرَحُوا مَا فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الشَّوَاغِلِ، وَمَا فِي قُلُوبِكُمْ مِنَ الْخَوَاطِرِ، وَانْطَرِحُوا بِبَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فإنه قريب مجيب الدعوات. فاللهم أجزل لنا العطية، واغفر لنا الخطيئة، وأصلح لنا النية والذرية، وأحينا الحياة الرضية.
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد ...(الدعاء مرفق)
المرفقات
1748323851_خطبة عن( الحج ^Mعرفة^M العيد^M الأضحية) شاملة ومختصرة.docx