وصايا مهمة للحجاج والمضحين

خطبة : وصايا للحجاج والمضحين  كتبها : خالد بن خضران الدلبحي العتيبي  الجمش – الدودمي
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :

أما بعد :

عبادَ الله إنكم تعيشون أيامَ عشر ذي الحجة وهي أفضل أيام الدنيا والعملُ الصالحُ فيها محبوبٌ إلى الله سبحانه وتعالى أكثرَ من غيره وإن من الأعمال الصالحة حجَ بيت الله الحرام .

والحجُ عبادةٌ عظيمةٌ والعبادةٌ حتى تكون مقبولة لا بد فيها من الإخلاص ولا بد فيها من المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم .

فعليك يا من تريد الحج أن تكون نيتك خالصة لله سبحانه وتعالى واحرص يا من تريد حج بيت الله على تعلم صفة الحج حتى تؤدي الحج كما أمرك الله وهذا من طلب العلم الواجب على من يريد الحج فقد حج نبينا صلى الله عليه وسلم وقال ( لتأخذوا مناسككم ) أي عني .

والجهلُ في عبادةِ الحج يجعل الحاجَ يقعُ في مخالفاتِ كثيرة وفي حرجٍ شديد وشريعةُ الإسلام مبنيةُ على اليسر ورفع الحرج قال تعالى ( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ) وقال تعالى ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )

فمن هذه المخالفات :

يعتقد بعض الحجاج أنه لا بد أن يزور غار حراء فتجد أنه يذهب ويشق على نفسه ويمكث الساعة والساعتين وأكثر حتى يصعد إلى أعلى الجبل لزيارة الغار الذي كان يتعبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم بعض الليالي قبل بعثته وهذا من الاعتقاد الباطل فصعود الجبل ليس عبادة ولا قُربة وليس من مناسك الحج ولا من سننه وتجد أن بعض من يصعد إلى الغار يتبرك بحجارته مع أنها حجارة لا تنفع ولا تضر وهذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى .

وكذلك تجد بعض الحجاج في عرفة يتزاحمون عند جبل عرفة ويشقون على أنفسهم وربما بعضهم صعد الجبل وربما تمسح بحجارته وهذا كله من البدع والمخالفات الشرعية والنبي صلى الله عليه وسلم لما دخل عرفة توجه إلى الجبل وجعله بينه وبين القبلة ولم يصعد ودعا حتى غربت الشمس وقال ( وقفتُ هاهنا وعرفةُ كُلها موقف ) ففي أي مكان في عرفة يصح الوقوف أي المكث في عرفة فلا تشق على نفسك أيها الحاج وتترك مخيمك وتذهب في الحر الشديد والزحام إلى الجبل فعرفةُ كلها موقف وكونك تجلس في مخيمكِ وتدعو هذا أخشع لقلبك .

ومن المخالفات التي سببها الجهلُ وتسبب الزحام والمشقة ما يحصل في الطواف من كثير من الحجاج تجد أنه إذا حاذى الحجر الأسود عند الإشارة إليه والتكبير يقف ويكبر ثم يمشي وهذا خطأ فالإشارة والتكبير تكون وأنت تمشي لا تقف والآخر يقف فهذا يؤدي إلى التزاحم والمشقة على الناس .

ومن المخالفات التي سببها الجهل محاولةُ بعض الناس أداء الحج بطرق غيرِ نظامية ويرتكبون كثيراً من المخالفات كلبس المخيط والكذب ومجاوزة الميقات بدون إحرام وتعريض أنفسهم للمشقة الكبيرة مع أن الحج ليس واجباً عليهم فالذي لا يستطيع الحصول على التصريح فالحج ليس واجباً عليه ينتظر حتى ييسر الله له المال فيحجز في إحدى الحملات ويحج بطريقة نظامية .

وهذا التصاريح لم توضع لمنع الحجاج كما يقوله الجهال إنما وضعت لمصلحة تيسير أمر الحج وضبط أعداد الحجاج فلو ترك الأمر بدون تنظيم أعداد الحجاج لحصل تدافع شديد ومشقة كبيرة جداً فالله الله في تطبيق هذه الأنظمة التي لم توضع من ولاة الأمر إلا للتيسير على الحجاج وخدمتهم وليس لمنعهم .

ومن المخالفات التي تقع من بعض الحجاج بسبب الجهل اعتقاد بعض الحجاج أن المبيت في منى أمرٌ واجبٌ على الجميع حتى من ليس له مكان وهذا خطأ فالمبيت في منى واجب من واجبات الحج ولكن هذا الواجب يسقط بالعجز فمن ليس له مكان في منى لا نقول له اذهب وافترش الطرقات أو أصعد على سفوح الجبال في منى بل نقول له يسقط عنك المبيت وتبات خارج منى فالواجبات تسقط بالعجز كما قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )

والأمثلةُ كثيرةٌ على المخالفات التي تقع من الحجاج بسبب الجهل فليحرص المسلم الذي يريد الحج على تعلمٍ صفة الحج حتى لا يقع في مثل هذه الأخطاء .

ومما أوصي به حجاجِ بيت الله الحرام أوصيهم بالصبر واحتساب الأجر والإخلاص لله سبحانه وتعالى وإنَّ مما يقدح في إخلاص الحاج ما نراه من بعض الحجاج من تصوير نفسه وهو يتعبد لله بالطواف والسعي والصلاة ورمي الجمرات والدعاء ونشر هذا في مواقع التواصل فأي مصلحة من هذا؟

 ألا يخاف على نفسه من الرياء الذي يُحبط عمل الإنسان يقول صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم وهم خير القرون : أخوفُ ما أخافُ عليكم الشركُ الأصغر الرياء .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى لزوم سنةِ نبيه عليه الصلاة والسلام وأن يجعلنا من عباده المخلصين

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

 

 

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله :

أما بعد :

عباد الله إن من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى وهي سنة مؤكدة لا ينبغي لمن كان قادراً أن يتركها ذبح الأضاحي ولا بأس أن يستدين الإنسان إذا كان يرجو سداداً .

ويشترط في هذه الأضحية شروط :

الشرط الأول : أن تكون من بهيمة الإنعام قال تعالى ((  وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج : 28 ) وهي الإبل والبقر والغنم  .

الشرط الثاني : أن تبلغ السن المحدد شرعاً الإبل خمس سنوات فأكثر والبقر سنتين فأكثر والمعز سنة فأكثر وأما الضأن فإذا بلغت ستة أشهر فأكثر فإنه يضحى بها  .

الشرط الثالث : أن يكون الذبح في الوقت المحدد شرعاً ويبتدئ وقت ذبح الأضاحي من بعد صلاة العيد فقد جاء في الصحيحين من حديث جندب بن عبد الله البجلي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ثم خطب ثم ذبح وقال من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها ومن لم يذبح فليذبح بسم الله )

ويستمر الذبح ليلاً ونهاراً إلى اليوم الثالث عشر وهو ثالث أيام التشريق فإذا غربت شمس اليوم الثالث عشر انتهى وقت ذبح الأضاحي .

الشرط الرابع : أن تكون خالية من العيوب وهناك أربعة عيوب نص النبي صلى الله عليه وسلم على المنع منها فقال ( أربعُ لا تجزئ في الأضاحي العوراء البيَّن عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والكسيرة [ يعني الهزيلة ] التي لا تُنقي )

وأما العيوب التي دون هذه العيوب فتجزئ مع الكراهة كمكسورة القرن ومقطوعة الأذن ومكسورة الثنايا وكذلك التي نشف ثديها .

ومن شروط الأضحية عباد الله وهو الشرط الخامس : أن تكون الأضحية من مال حلال ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً )

واعلموا عباد الله أن الشاة سواءً كانت من الغنم أو المعز تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته الذين يعيشون معه في البيت قال أبو أيوب رضي الله عنه كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ) أخرجه الترمذي . والمقصود بأهل بيته يعني الذين يعيشون معه في البيت أما من كان مستقلاً ببيت فإنه يضحي عنه وعن أهل بيته.

وإن لم يكن قادراً فلا بأس أن يُدخله القادر كأبيه مثلاً في أضحيته فينوي أنه عنه وعن أولاده أو جيرانه ويشملهم أجر الأضحية وهذا يسمى عند العلماء بتشريك الثواب والأجر .

وليس في الغنم اشتراك بل الاشتراك في الإبل والبقر فيجوز أن يشترك السبعةُ في الناقة أو البعير والسبعةُ في بقرة كل واحدٍ يأخذ سُبع فيقوم مقام الشاة يجزئ عنه وعن أهل بيته .

والأفضل في الأضحية أنها تقسم إلى ثلاثة أقسام كما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ثلث يهديه وثلث يتصدق به وثلث يأكله .

ولا بأس أن يدعو الناس لأكلها كما يفعل الكثير ولكن لا بد أن يخرج منها شيئاً من اللحم فيدفعه للفقراء  نصف كيلو أو كيلو تقريباً لأن الله تعالى أمر بإطعامِ الفقراء فقال تعالى  ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)  

والأفضل أن الإنسان يذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن ذلك أو يشهد ذبحها ويقول بسم الله الله أكبر اللهم هذا منك ولك اللهم تقبل مني  .

وله أن يشرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات فقد ثبت أن صلى الله عليه وسلم قال (اللهم هذا عني وعن آل محمد )

فلك أن تقول اللهم هذا عني وعن والديَّ أو عن أقاربي ، فلهم أجر بإذن الله .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ....

 

 

 

 

 

 

المرفقات

1748491806_خطبة بعنوان وصايا للحجاج والمضحين.docx

المشاهدات 150 | التعليقات 0