عناصر الخطبة
1/نعم الله على بلاد الحرمين 2/جهود الدولة لإنجاح الحج 3/سرعة انقضاء الأيام وتقارب الزماناقتباس
عباد الله: لقد تبين للناس جميعا، أن الحج العشوائي، بلا تصريح، هو سبب أساس في وجود مصاعب في الحج، في خطط السير، وكثرة المرضي والمصابين بل والموتى، وهذا ما تنادي به الدولة كل سنة، فلما شدت الوطأة على المخالفين، سارت الأمور بكل سهولة، فينبغي الامتثال للضوابط التي وضعتها الدولة لتنظيم الحج .
الخُطْبَةُ الأُولَى:
أما بعد
فيا أيها الناس: لقد انقضى موسم الحج، موسم حباه الله بالخيرات، والبركات، والنعم الدارات، من رب الأرض والسموات، موسم فاز فيه من فاز وخسر فيه من خسر، ومن أبرز الأعمال فيه، أداء فريضة الحج، حيث يتقاطر الناس إلى بيت الله الحرام من جميع بقاع الأرض لأداء فريضة الحج، يأتون بقلوب متلهفة، وأرواح متعطشة، يرجون ما عند الله من الخيرات، البعض منهم باع بيته، والآخر باع مزرعته، والثالث باع كل ما يملك ليصل لبيت الله الحرام.
ومن نعم الله على أهل المملكة أن جعلهم سدنة البيت، والقائمين على شؤونه، بدءا بخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، إلى أصغر عامل في موسم الحج، بل إن أهل البلد هم واجهة الدولة، وكل من جاء ليحج فله علينا حق الضيافة والكرم، فلا بد من إكرامهم، وتحمل أذاهم، ومساعدتهم حتى يعودوا لبلدهم سالمين.
ولقد بذلت الدولة مشكورة كل ما في وسعها، لإنجاح حج هذه السنة، والذي ولله الحمد تكلل بنجاح باهر فاق كل السنوات الماضية، ولم تشهد البلد حجا مثله، في تنظيم الحج، وتوزيع الحجاج، والقيام بشؤونهم، فلا ترى إلا شاكرا داعيا، معترفا بفضل الجهود المبذولة، فعلينا جميعا أن نعرف هذه القيمة، ونشكر كل من سعى فيها، فالفضل كله لله الذي أولانا هذه النعم ويسرها، قال سبحانه (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) ثم لقادة البلد الذين لم يألوا جهدا في تذليل الصعاب، وخدمة الحجيج، وكل من أبرزا وجها مشرقا وخلقا طيبا، شكره الناس عليه، وأكسبهم انطباعا عن البلد وأهلها.
عباد الله: لقد تبين للناس جميعا، أن الحج العشوائي، بلا تصريح، هو سبب أساس في وجود مصاعب في الحج، في خطط السير، وكثرة المرضي والمصابين بل والموتى، وهذا ما تنادي به الدولة كل سنة، فلما شدت الوطأة على المخالفين، سارت الأمور بكل سهولة، فينبغي الامتثال للضوابط التي وضعتها الدولة لتنظيم الحج .
اللهم لك الحمد على ما يسرت للحجاج، اللهم فتقبل منا ومنهم..
الخطبة الثانية:
أما بعد فيا أيها الناس: ها قد انقضت أيام موسم عظيم، وتصرمت أيام عام طويل، طوى هذا العام أيامه ولياليه، محملا بكل أعمال البشر، فيجب علينا جميعا، أن نتوب إلى الله من كل أعمال السوء التي ارتكبناها، وأن نعزم على العمل الصالح، وتغيير المسار إلى الاتجاه الصحيح، فستنقضي أعمارنا، كما انقضت أعوامنا، وسنرحل من الدنيا كما رحل غيرنا، ولن يبق معك إلا عملك الصالح.
عباد الله: إن في سرعة مرور الأيام عبرة لنا جميعا، فلقد جعل الله فيها سرعة عظيمة، وكل سنة تزداد السرعة شيئا مخيفا، مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، كما أخرج الترمذي وغيره من حديث أنس بن مالك قال صلى الله عليه وسلم "لا تقومُ الساعةُ حتى يتقاربَ الزمانُ، فتكونُ السنةُ كالشهرِ، والشهرُ كالجمعةِ، وتكونُ الجمعةُ كاليومِ، ويكونُ اليومُ كالساعةِ، وتكونُ الساعةُ كالضَّرَمَةِ بالنارِ"
قال أهل العلم شرحا لهذا الحديث: تُنزَعَ البرَكةُ مِن الوقتِ فيَقِلَّ الزَّمنُ، وتُنزَعَ فائِدتُه، أو أنَّ النَّاسَ لِكَثرةِ انشِغالِهم بالفِتَنِ والنَّوازِلِ والشَّدائدِ، لا يَدْرون بالوقتِ ولا كيف تَنقَضي أيَّامُهم ولَياليهم، "فتَكونُ السَّنةُ كالشَّهرِ"، أي: تَمُرُّ السَّنةُ كمُرورِ شهرٍ لا برَكةَ فيها، "والشَّهرُ كالجُمعةِ"، أي: ويَمُرُّ الشَّهرُ كأنَّه أسبوعٌ لا بركةَ فيه، "وتكونُ الجمعةُ كاليومِ"، أي: ويمُرُّ الأسبوعُ كمُرورِ النَّهارِ في اليومِ لا برَكةَ فيه، "ويَكونُ اليومُ كالسَّاعةِ"، أي: ويَمُرُّ اليومُ كأنَّه ساعةٌ مرَّت لا برَكةَ فيه، "وتَكونُ السَّاعةُ كالضَّرْمةِ بالنَّارِ"، أي: وتمُرُّ السَّاعةُ كأنَّها نَبتةٌ احتَرقَت بسُرعةٍ فلم تَأخُذْ وَقتًا ولا زمَنًا، وقيل: الضَّرمةُ ما يُشعَلُ به النَّارُ كالكِبْريتِ أو القَصبِ، وقيل: هي غُصْنُ نخلٍ في طرَفِه نارٌ، وهذا كلُّه يَدُلُّ على نزْعِ البرَكةِ مِن الزَّمانِ ومُرورِ الوقتِ سَريعًا، وعدَمِ الاستِفادةِ مِنه لِسُرعتِه، وقلَّةِ برَكتِه.
فالبدار البدار، قبل حلول قاصف الأعمار، والاستعداد ليوم الرحيل، فغدا ننتقل لدار البرزخ، ونعاين كل ما نقول.
اللهم وفقنا لهداك واختم بالصالحات أعمالنا ...
التعليقات