عناصر الخطبة
1/الحث على العمل الصالح يوم العيد 2/المعنى الحقيقي للعيد 3/الوصية بصلة الرحم والمودة مع المسلمين 4/بعض أحكام وآداب يوم العيد والأضحيةاقتباس
يأتي عيد الأضحى عقب الحج؛ فهو يوم الحج الأكبر، بعد أن يقف الحُجَّاج في عرفات، متجردينَ من مظاهر الدنيا، لبَّوْا نداءَ اللهِ، نداؤُهم واحدٌ، ودينُهم واحدٌ، وربُّهم واحدٌ، يقولون: لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شريك لك لَبَّيْكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والْمُلْكَ، لا شريكَ لكَ...
الخطبة الأولى:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ما حج المسلمون بيت الله الحرام، تلبية لنداء إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-: (وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)[الْحَجِّ: 27].
الله أكبر ما طافوا وسعَوْا بين الصفا والمروة، وتذكروا إسماعيل وأمه هاجر، الله أكبر ما شربوا من ماء زمزم المطهر، الله أكبر ما هامت بهم مطايا الأشواق إلى عرفات، الله أكبر ما ابتهلوا فيه وغفرت لهم جميع السيئات والزلات، الله أكبر ما تحمل المسلمون في أرضنا المقدَّسة وفي مسجدنا المبارك، وما صبر أسرانا وتحملوا أذى السجان، الله أكبر ما تحملنا الأذى والبلوى مرضاة للرحيم الرحمن، الله أكبر ما حل الأمن والأمان في أرضنا ومقدساتنا، الله أكبر ما أجمع المسلمون على كلمة سواء، ترضي الله -تبارك وتعالى-، الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله الذي جعَل أيامَ العيد أيامَ فرحة وسرور، وبهجة وحبور، وشُكْر للعزيز الغفور، ونشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ، صاحبُ الضياء والنور، ونشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ الوقورُ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، إلى يوم النفخ في الصُّور.
أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: لقد شرَع اللهُ -تعالى- الأعياد تذكارًا للمعاد، فلا تقطعوها بالملاهي والفساد.
فيا أيها الغافل عن ذكر الله: لا تغترَّ بزينة اللباس كقارون، ولا تفرح بِعِيدٍ أنتَ منه على وعيدٍ، فإن مَنْ خاف اللهَ أَمِنَ، ومَنِ اجترحَ السيئاتِ حَزِنَ، ما يفرح بالأعياد والفصول إلا مَنْ بَنَى توبتَه على الأصول، ووزَنَ نفسَه بميزان الشرع فيما يفعل ويقول.
وتذكَّرُوا -يا عباد الله- باجتماعكم هذا يوم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، تتطاير الصُّحُف، فرحم الله عبدًا أعد لذلك اليوم عملًا صالحًا، وتوبة صادقة تمحو ما سلف من ذنبه، فإن الله يفرح بتوبة عبده، ويعفو عن زلله.
عبادَ اللهِ: دخل رجل على أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فوجده يأكل خبزًا خشنًا، فقال له: "في هذا اليوم: يا أمير المؤمنين؟!"، فقال: اليوم عيد من قبل سعيه، وغفر ذنبه"، ثم قال: "اليوم لنا عيد، وغدا لنا عيد، وكل يوم لا نعصي الله فهو عيد": الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عبادَ اللهِ: جاء رجل يودع بشر بن الحارث -رضي الله عنه- فقال له: "قد عزمتُ على الحج، أفتأمرني بشيء؟ فقال له بشر: كم أعددت للنفقة؟ قال: ألفي درهم، قال: فأي شيء تبتغي بحجك؟ نزهة أو اشتياقًا إلى بيت الله الحرام؟ أو ابتغاءَ مرضاةِ الْمَلِكِ العلَّامِ؟ قال: ابتغاءَ مرضاة الله -عز وجل-، قال: فإن أحببت رضا الله وأنت في منزلك وتنفق ألفي درهم، وتكون على يقين من مرضاة الله أتفعل ذلك؟ قال: نعم، قال: اذهب فأعطها عشرة أنفس؛ مدين يقضي بها دينه، وفقير يلم بها شعثه، ومعيل يعيل بها عياله، ومربي يتيم يفرحه لله -تعالى-، وإن قوي قلبك أن تعطيها لواحد فافعل؛ فإن إدخالَكَ السرورَ على قلب امرئ مسلم، وتُغيث لهفان، وتكشف ضرَّ محتاج، وتُعِين رجلًا ضعيفَ اليقينِ، أفضلُ من مئة حجة بعد حجة الإسلام، قُمْ فأخرِجْها كما أمرناك".
عبادَ اللهِ: في هذا اليوم الأجل المبارك أدخلوا السرور والمحبة في قلوب المؤمنين، من بكى له صبي فأرضاه أعطاه الله من الجنة حتى يرضى، ومن زين مسلمًا يوم العيد زينه الله يوم العرض الأكبر، والمنفق معان إلى يوم القيامة، قال أحد الصالحين: "لأن أتصدق بدرهم على يتيم أو مسكين أحب إلي من حجة بعد حجة الإسلام".
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: ورغمَ ما يجري من أحداث مؤلمة في أرضنا المبارَكة انظروا إلى ما حلَّ بنا من دمار وهلاك وقتل وأسر، ونحن بحاجة ماسَّة في هذه الأيام للصبر، أما قال الله -تبارك وتعالى-: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)[إِبْرَاهِيمَ: 42]، فالفرج قريب -بإذن الله-تبارك وتعالى-، وهذه الأيام الصعبة سوف تزول وسوف يحل محلها الأمن والأمان -بإذن الله-.
يا من يجيب دعا المضطر في الظُّلَمِ *** يا كاشفَ الضُّرِّ والبلوى مع السقمِ
قد نام وفدُكَ حولَ البيتِ وانتبَهُوا *** وعينُ جُودِكَ يا قيومُ لم تَنَمِ
هَبْ لي بجودِكَ فضلَ العفوِ عن زَلَلٍ *** يا مَنْ لديه رجاءُ الخلقِ في الحرمِ
إن كان عفوُكَ لا يرجوه ذو خطأٍ *** فَمَنْ يجودُ على العاصينَ بالنِّعَمِ
يا أيها المسلمُ: جمَع اللهُ همَّكَ، ولا شتَّتَ سرَّكَ، وقطعَكَ عن كل قاطع يقطعك عنه، ورزقك أدبًا يَصلُح لمجالسته، وأخرج من قلبك ما لا يرضى، وأسكن في قلبك رضاه، ودلك عليه من أقرب الطُّرق، والله أكبر الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله الذي منَّ علينا بالإسلام، وجعل يوم الجمعة عيدًا من بين سائر الأيام، ونشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ ونشهد أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، أفضل الرسل والأنبياء الكرام، صلى الله عليه وعلى آله ما دار الجديدان.
أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: أنتم اليوم في يوم عيد الأضحى، إنه يوم من أيام الله، بَرُّوا آباءكم وأمهاتِكم؛ فإنَّه من أعظم الحقوق عليكم، وعليكم بصلة الأرحام، وقاطع الرحم ملعون في كتاب الله، وعلى لسان المصطفى -عليه الصلاة والسلام-؛ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا في الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)[مُحَمَّدٍ: 22-23]، امسحوا دمعة اليتيم، وقولوا للناس حسنًا، وتعاونوا على البر والتقوى، فكفانا ما نحن فيه من فرقة وانقسام، كفانا ما نحن فيه من تفرق وتشتت، فالأمة المتفرقة أمة ضعيفة.
عبادَ اللهِ: ويأتي عيد الأضحى عقب الحج؛ فهو يوم الحج الأكبر، بعد أن يقف الحجاج في عرفات، متجردين من مظاهر الدنيا، لبوا نداء الله، نداؤهم واحد، ودينهم واحد، وربهم واحد، يقولون: لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شريك لك لَبَّيْكَ، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
هناك يتجلَّى الله على عباده، يباهي بأهل الأرض أهل السماء، يقول للملائكة: "انظروا إلى عبادي، أتوني شعثًا غُبرًا ضاحين -أي: متعرضين لحرارة الشمس- من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرتُ لهم".
الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ويُسَنُّ إذا رجَع المسلمُ من المصلى يوم الأضحى أن يبدأ قبل كل شيء بذبح أضحيته إن كان مستطيعًا، فيسمي ويكبر، ويذبح الأضحية، والأضحية في الإسلام شأنها عظيم؛ أنَّها فداء لإسماعيل -عليه السلام-، وقربة إلى الله بالذبح في هذا اليوم العظيم، فإذا ذبحتها أيها المسلم فإن السنة أن تأكل ثلثها، وأن تتصدق بثلثها، وأن تهدي ثلثها، وإن فعلت غير ذلك فالأمر فيه سعة، ولكنه خلاف الأولى، هنيئًا لكم أيها المسلمون بضحاياكم في هذا اليوم المشهود، استجبتم لنبيكم -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملًا أحب إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان، قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسًا"، ويقول الحق -جل وعلا-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)[الْكَوْثَرِ: 2]، وتذكروا موقف الخليل الذي ضحى بكل ما يملك؛ لقد هاجر إلى الله، وضحى بنفسه عندما ألقي في النار، وضحى بولده وكان البلاء العظيم، وهنا يظهر الحلم والصبر؛ (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ)[الصَّافَّاتِ: 102]، هنيئًا لمن ضحى ابتغاء مرضاة الله، وتعسًا لمن ضحى بإخوانه المسلمين؛ (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)[الْأَنْفَالِ: 30]، فتقربوا إلى الله في هذا اليوم العظيم بالذبائح؛ فإنَّها من تقوى القلوب، وأخوفكم معاشرَ المسلمينَ غرور الدنيا، فلا تركنوا إلى ما يبيد ويفنى، ويزول ويبلى، فإني أخاف عليكم يوم الوقوف بين يدي الله غدًا، وبين يدي آدم ومحمد المصطفى، وصحفكم تقرأ عليكم؛ فمن أوتي كتابه بيمينه فلا يخاف ظلمًا ولا هضما، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)[طه: 124].
عبادَ اللهِ: كونوا دائمًا مع الله؛ فهو الحافظ من كل مكروه؛ (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[التَّوْبَةِ: 51].
اللهمَّ أيما عبد مؤمن زارك في هذا البيت تائبًا إليك إنما جاء يتنصل عن خطاياه وذنوبه، أن تتقبل منه، وتجعله من خطاياه كيوم ولدته أمه.
اللهمَّ أنتَ الراعي لا تهمل الضالة، ولا تدع الكسيرَ بدارِ مَضيَعَةٍ، فقد ضرَع الصغيرُ، ورقَّ الكبيرُ، وارتفعت الشكوى، وأنتَ تعلم السرَّ وأخفى، اللهمَّ أغثهم بغياثك، وَامْنُنْ عليهم بعطائكَ، وأكرِمْهُم بجوارك، اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وأطلق سراح أسراهم، وداو مرضاهم يا أرحم الراحمين، يا من يملك حوائج السائلين، ويعلم ضمائر الصادقين، يا ذا المواعيد الصادقة، والأيادي الفاضلة، والرحمة الواسعة، صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، واغفر لنا ذنوبنا، وكفر عَنَّا سيئاتنا.
يا من لا تضره الذنوب، ولا تخفى عنه العيوب، اللهمَّ ارحم غربتنا في الدنيا، ومصرعنا عند الموت، وارحم قيامنا بين يديك، اللهمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب الدعوات، وَصَلَّى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يحل الأمن والأمان في أرضنا المبارَكة، وأن يسلمنا من أعدائنا يا الله يا كريم.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم