عناصر الخطبة
1/سعة مفهوم العمل الصالح في الشريعة الإسلامية 2/من بركات وخيرات العمل الصالح 3/الوصية بالثبات على عمل الطاعاتاقتباس
من فضل الله العظيم أنَّه وسَّع مفهومَ العمل الصالح؛ فجعله يشمل الطاعات الظاهرة والباطنة، الفرديَّة والجماعيَّة؛ كالصلاة والزكاة والصيام والحج وتلاوة القرآن، وذِكْر اللهِ وبِرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكفالة اليتيم، وتعليم الجاهل، وإغاثة الملهوف...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، وفَّق مَنْ شاء للعمل الصالح، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، أنار للسالكين الدرب الفالح، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، أرسله ربه بالهدى والدين الواضح، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، المستمسكين بالمنهج الواضح.
أما بعدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فهي أساس كل خير، ومفتاح لكل توفيق.
العمل الصالح هو زاد المؤمن، وثمرة من ثمار الإيمان، وعلامة على رضا الرحمن، ومن دلائل توفيق الله للعبد أن يُحبِّبَ إليه فعلَ الطاعات، ويُثبِّتَه عليها حتى الممات، ومَنْ وجَد في قلبه حبًّا للعمل الصالح، فقد ذاق حلاوةَ الإيمان، وامتلأت حياتُه سَكِينةً وطمأنينةً، قال الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)[النَّحْلِ: 97].
ومن فضل الله العظيم أنَّه وسَّع مفهومَ العمل الصالح؛ فجعله يشمل الطاعات الظاهرة والباطنة، الفرديَّة والجماعيَّة؛ كالصلاة والزكاة والصيام والحج وتلاوة القرآن، وذِكْر اللهِ وبِرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكفالة اليتيم، وتعليم الجاهل، وإغاثة الملهوف، وقضاء حوائج الناس، بل قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وفي كل كبد رطبة أجر"، وقال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
بركة العمل الصالح لا تقتصر على الآخرة وحدها، بل تظهر آثارها في الدنيا؛ إذ يمنح اللهُ العبدَ راحةً في قلبه، وسَكِينةً في نفسه، ويجعله محبوبًا بين الناس، ويبارك له في رزقه وعمره، وذريته، ويكفيه همومَ الحياة، ويثبته عند الفتن، ويمن عليه بحسن الخاتمة، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)[مَرْيَمَ: 96]، وقد مضت بنا مواسم الطاعات، فمن وفق فيها للعمل الصالح فليحمد اللهَ، وليواصِلْ طاعتَه، فالمؤمن لا ينقطع عن عبادة ربه، ولا يمل من التقرب إليه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".
فيا من صمتَ، ويا من قمتَ، ويا من أنفقتَ، ويا من خشعتَ: لا تُفرِّطْ فيما بدأتَ، ولا تُضيِّعْ ما جمعتَ؛ فإنكَ لا تدري بأيِّ عملٍ يُختَم لكَ، العمل الصالح لا يموت بموت صاحبه، بل يبقى أثرُه في ولدٍ صالحٍ يدعو له، أو مسجدٍ بناه، أو عِلْمٍ نشَرَه، أو يتيم كفَلَه، أو صدقة جارية امتدَّتْ آثارُها، قال الله -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)[يس: 12].
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا لا حد له، وأشهد ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ولا ند له، وأشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، بلغ في الخلق مبلغًا لا مثل له، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، صلاة لا عد لها وسلامًا لا سد له.
أما بعدُ: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فهي وصية الله للأولينَ والآخرينَ.
ولا يحقرنَّ أحدٌ منكم أثرَ عمله الصالح، فرُبَّ كلمة طيبة خرجت من قلب صادق في لحظةِ صفاءٍ، كانت سببًا في هداية إنسان، ورُبَّ دعوة صادقة في ظهر الغيب فتحت أبواب الفرح، ورب صدقة يسيرة أنقذت ملهوفا، فكانت سببًا في دخول الجنة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد رأيتُ رجلًا يتقلَّب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس"، فلا تستهينوا بعمل صالح مهمَا بدَا صغيرًا، والله لا يضيع أجر المحسنين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على نبينا محمد، عدد ما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وارض اللهمَّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الآل والصحب الكرام، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، وانصر عبادك المؤمنين، واجعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًّا وسائرَ بلاد المسلمين.
اللهمَّ إنَّا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل، اللهمَّ إنَّا نسألك
فواتح الخير وخواتمه وجوامعه، وأوله وآخره، وظاهره وباطنه، ونسألك الدرجات العلا من الجنة يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ إنَّا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة، في الدين والدنيا والآخرة، اللهمَّ استر عوراتنا وآمِنْ روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
اللهمَّ إنكَ تعلم ما نزَل بأهلنا في فلسطين من البلاء والضر، وأنتَ وحدَكَ القادر على رفعه وكشفه، لا يعجزكَ شيءٌ في الأرض ولا في السماء، اللهمَّ ارفع عنهم الكرب، وفك عنهم الحصار، وكن لهم معينًا ونصيرًا، وسندًا وظهيرًا.
اللهمَّ إنهم جياع فأطعِمْهُم، عطاش فاسقهم، حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، آمنهم من خوف، واربط على قلوبهم، وانصرهم على من ظلمهم، اللهمَّ يا ناصر المستضعَفين، يا قوي يا جبار، انصرهم على عدوك وعدوهم الصهاينة المعتدين، اللهمَّ شتت شمل الصهاينة المعتدين، وفرق جمعهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر، وأرنا فيهم بأسك الذي لا يرد عن القوم الظالمين.
اللهمَّ لا ترفع لهم راية، ولا تبلغهم غاية، واجعلهم عبرة وآية، اللهمَّ عجل بفرجك، واكتب لأهل فلسطين نصرًا يعلي رايتهم، ويحق حقهم، ويعيد إليهم أرضهم وأمانتهم وكرامتهم، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهمَّ وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهمَّ وفِّقْه لهداكَ، واجعل عملَه في رضاكَ يا ربَّ العالمينَ، ووفق ولي عهده لكل خير، وانفع بهما الإسلام والمسلمين، ووفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وهدي نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتحكيم شرعك يا أرحم الراحمين.
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم