موعظة: تذكر الثواب للمتقين والعقاب للمجرمين

الشيخ سعد بن عبدالرحمن بن قاسم

2025-08-08 - 1447/02/14 2025-09-16 - 1447/03/24
عناصر الخطبة
1/التأمل والتفكير في جزاء الآخرة 2/الشوق إلى الجنة ونعيمها 3/عقاب المجرمين وشقاؤهم 4/أهمية التأمل في ثواب المتقين وعقاب المجرمين.

اقتباس

إن في التأمل في ثواب المتقين وعقاب المجرمين حافزاً قوياً على محاسبة النفس وردّها عما يُسخط المولى، كما أن فيه الترغيب إلى المسابقة في الخيرات، لعلنا نحظى بدار كرامته ورضاه....

الخطبةُ الأولَى:

 

الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً، ونصب لنا الدلالة على صحته برهاناً مبيناً، وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقاً يقيناً، ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجراً عظيماً.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا ضد له ولا ند، فتعالى عما يشركون علواً كبيراً. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، ابتعثه بخير ملة، وأحسن شرعة إلى جميع العالمين أنسهم وجنهم فأبى الظالمون إلا كفوراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقواه، تأملوا في ثواب الله للمتقين وعقابه للمجرمين؛ إذ إنه لا بد أن يكون لكل واحد منا أحدُ الجزاءين حتماً يقيناً.

 

وفي هذا التأمل والتفكير دافعٌ للنفس وإلزام لها بالحق المبين، وردع لها عن فعل المجرمين، يقول -تعالى- منادياً عباده المؤمنين في مشهد من مشاهد القيامة مطمئناً لهم ومبيناً أسباب سعادتهم وفلاحهم وسرورهم: (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ)[الزخرف: ٦٨ – ٧٣].

 

عباد الله: ما هذه الجنة التي أورثتموها؟ ألا هل من مشتاق لهذه الجنة ونعيمها؟ ألا هل من مشتاق للقاء مسديها وراغبٍ في رضوانه لساكنيها؟

 

عباد الله: ما قيمة هذا اللقاء وهذا الرضوان؟ وما سعة هذه الجنة الموعود بها؟ ما سقفها وما نورها؟ ما رياحينها ما أشجارها؟ وما أنهارها؟ ما قصورها؟ ومن هم ساكنوها؟ ما خدامها؟ وما مراكب أهلها؟ وما تآلف قلوبهم؟ ألا نتذكر حين تفتح لهم أبواب الجنان وتتلقاهم الملائكة قائلين: هذا يومكم الذي كنتم توعدون؟ ما سعادتهم حين يحل عليهم الرب رضوانه مع ما هم فيه من فرح وسرور؟ وما هي حالتهم حين يتجلى لهم الرب فيرونه لا يضامون في رؤيته وحين يقال لهم: يا أهل الجنة خلود فلا موت؟

 

عباد الله: أليس في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؟ أنزهد في هذه السعادة ونغفل عنها بل ويكون جلّ همنا الدنيا وزخارفها؟

 

معشر المسلمين: ما عقاب المجرمين وما شقاؤهم؟ تأملوا في دراهم التي توعدهم الرب بها إذا استمروا على عصيانه وطاعة أعدائه؛ يقول -تعالى-: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)[الزخرف: ٧٤ – ٨٠].

 

عباد الله: هذه حال المجرمين في الآخرة، عذاب سرمدي، وتقرير على الأعمال، يتمنون الهلاك ليستريحوا، فيجابون بما يزيدهم غمًّا؛ فيقال لهم: (إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ).

 

معشر المسلمين: تأملوا في جزائهم وعقابهم لعل الله يوقظ قلوبنا الغافلة، هم في عذاب، لا موت ولا حياة: (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا)[سورة فاطر:36]، بل هم في: (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ)[سورة الهمزة:6-9]، طعامهم الزقوم، وشرابهم الحميم، لهم عويل وصراخ، يلعن بعضهم بعضاً، دارهم مظلمة، ورائحتها منتنة، ووجوههم مسودة موحشة، جزاء عصيانهم لله وكفرهم بنعمه.

 

 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ)[محمد: ١٥].

 

 بارك الله...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله منير البصائر، العالم بما فيها والظواهر، أحاط بكل شيء علماً، ووسع كل شيء رحمة وعلماً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، لا رب لنا سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله مظهر الحق وصابر على مَن آذاه لاحتسابه الثواب من مولاه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المجاهدين في سبيله حتى نالوا رضاه.

 

أما بعد: فيا عباد الله: إن في التأمل في ثواب المتقين وعقاب المجرمين حافزاً قوياً على محاسبة النفس وردّها عما يُسخط المولى، كما أن فيه الترغيب إلى المسابقة في الخيرات، لعلنا نحظى بدار كرامته ورضاه، يقول -تعالى-: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[آل عمران: ١٣٣ – ١٣٥].

 

عباد الله: إن المتقين يسارعون إلى الخيرات، ولا يصرون على المنكرات، فبادروا -رحمكم الله- إلى الطاعات، وطهّروا أنفسكم وذويكم من المعاصي والمنكرات، قابلوا نعم الله بشكرها.

 

وصلوا على نبينا محمد؛ فقد أمرنا بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

المرفقات

موعظة تذكر الثواب للمتقين والعقاب للمجرمين.doc

موعظة تذكر الثواب للمتقين والعقاب للمجرمين.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات