خطبة بعنوان : من أنواع التشبه

 

خطبة جمعة بعنوان : من أنواع التشبه         كتبها : خالد بن خضران العتيبي  الجمش- الدوادمي

-------------------------------------------------------------------------------------------------

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله .

عباد الله إن تشبه الإنسان بغيره له أنواعٌ كثيرة منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم فمن التشبه المحمود الذي يؤجر عليه المسلم التشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك باتباع سنته فهو القدوة لنا جميعاً كما قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب : 21 ) فمن أسباب النجاة والوصول إلى مرضاةِ الله التمسكُ بسنةِ محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام وسنته هي ما رود من أقواله وأفعاله وتقريراته والسنة عبادة الله لها منزلة عظيمة ومكانةٌ جليله وهي أصلٌ من أصول التشريع في دين الإسلام وقد تتابعت النصوص من كتاب الله عز وجل في بيان عظم منزلتها يقول الله سبحانه وتعالى ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (الجمعة : 2 ) فالكتاب هو القرآن والحكمة هي السنة .

وأمر الله سبحانه وتعالى بطاعة رسوله و إذا وجد الخلاف أن نرجع للقرآن والسنة ففي ذلك الخير العظيم والعاقبة الحسنة قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء : 59 )

وأمر الله سبحانه وتعالى بالأخذ بأوامر السنة والانتهاء عند نواهيها فقال سبحانه وتعالى(( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر : 7 )

وجعل الله علامة محبته اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ورتب على ذلك حصول محبته للمتبع لسنة نبيه قال تعالى ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 )

ونفى الله سبحانه وتعالى الإيمان على من لم يتحاكم إلى سنة محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (النساء : 65 )

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يتشبهون بالنبي صلى الله عليه وسلم فمن تشبه بقومٍ فهو منهم .

ومن أنواعِ التشبه : التشبه المذموم وهو أنواع كثيرة :

منها التشبه بالكفار خاصة اليهود والنصارى عباد الله يوجدُ من هذه الأمة ممن ضعف إيمانهم وتمسكهم بدينهم مَن أصبح تابعاً لليهود والنصارى وغيرهم من الكفار فلا تراه إلا معجباً بهم متشبهاً بهم وفي هؤلاء يصدقُ الحديثُ الثابتُ في الصحيحين من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ»

عبادَ إن من الأمور الخطيرة في العقيدة التشبه بالكفار في عاداتهم أو في لباسهم أو في عبادتهم وهذا أشد ومن المعلوم أن المتشبه بغيره يدلُ  ذلك على إعجابه به وميله إليه ولذلك حرمت الشريعة الإسلامية على المسلم أن يتشبه بالكفار ففي سورة الفاتحة التي تتكرر علينا في كل يوم وفي كل صلاة وفي كل ركعة نقرأ قوله تعالى (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ( 6 ) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) فالمسلم يدعو ربه أن يكون على طريقِ الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ويستعيذ بالله من طريق المغضوب عليهم وهم اليهود ومن طريق الضالين وهم النصارى والمتشبهُ بهم قد سلكَ طريقهم والعياذ بالله .

وثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه سلم قال (من تشبه بقومٍ فهم منهم )

عباد الله إن من الأمور الخطيرة التي وقعت المشابهة فيها للكفار مشابهتهم في أعيادهم سواءً كانت هذه الأعياد أعياداً دنيوية أو أعياداً دينية وهذا أشد وأخطر والمسلمون عبادَ الله ليس لهم إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى وما سواها أعيادٌ مبتدعة لا يجوز الاحتفال بها ففي سنني أبي داود من حديث أنس رضي الله عنه قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ "

فالواجب على المسلم الحذر من التشبه بالكفار والمشركين

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المتشبهين بنبينا عليه الصلاة والسلام وأن يجنبا التشبه بالكفار والمشركين .

 

 

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله .

أما بعد :

ومن أنواع التشبه المذموم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال فهناك من الرجال من يتشبه بالنساء في لباسهم وطريقة كلامهم وطريقة مشيتهم وكذلك من النساء من تتشبه بالرجال وهذا من كبائر الذوب فقد جاء في صحيح البخاري عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من الرجال بالنساء .

ومن أنواع التشبه المذموم التشبه بالحيوانات والسباع والتنكر بأشكالهم وهذا والله من السفه في العقل وقلة الدين كيف بإنسانٍ أكرمه الله ينزل لهذا المستوى من السفه يقول الله تعالى ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ  ً) (الإسراء : 70 ) والله سبحانه وتعالى ذم الكافرين وشبههم بالحيوانات فقال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة : 5 )

وشبه الله عالم السوء بالكلب فقال تعالى ( فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف : 176 )

ومن أنواع التشبه التشبه بالشياطين والأرواح الشريرة مع أن الشيطان لم نراه ولكن استقر في الفطر بشاعةُ منظره ولذلك شبه الله سبحانه وتعالى طلع شجرة الزقوم برؤوس الشياطين فقال تعالى  ((أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ( 62 ) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ ( 63 ) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ( 64 ) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ( 65 )

فالله الله عباد الله بلزوم السنة والتسمك بها والحذر من أنواع التشبه المذموم .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحيينا على السنة وأن يميتنا عليها وأن يهدي ضال المسلمين إنه سميع قريب .

اللهم اعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن تلاوتك .

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا هداةً مهتدين اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وعلي وعن الصحابة أجمعين سبحانك ربك ربِ العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

1753964742_‏‏خطبة من أنواع التشبه - نسخة.docx

المشاهدات 239 | التعليقات 0