مفاتيح الرحمات .. في أربع كلمات
إبراهيم بن سلطان العريفان
الحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ..
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، فَإِنَّ التَّقْوَى خَيْرُ زَادٍ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ.. فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الهُمُومُ، وَتَعَاظَمَتْ فِيهِ الفِتَنُ، وَٱنْشَغَلَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا حَتَّى أَرْهَقَتْ قُلُوبَهُمْ، جَعَلَ اللهُ لِعِبَادِهِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ يَسِيرَةً عَلَى اللِّسَانِ، عَظِيمَةً فِي المِيزَانِ، مُحَبَّبَةً إِلَى الرَّحْمٰنِ، تَحْمِلُ لَكَ مِنَ الأَجْرِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالرَّاحَةِ وَالقُرْبِ مِنَ اللهِ مَا لَا تَحْمِلُهُ جِبَالُ الدُّنْيَا كُلُّهَا.
قَالَ عَنْهَا النَّبِيُّ ﷺ "أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ".
سُبْحَانَ اللهِ.. هِيَ تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، وَتَقْدِيسٌ لِذَاتِهِ العَظِيمَةِ. تَقُولُهَا فَيُمحَى مِنْ قَلْبِكَ غُبَارُ الدُّنْيَا، وَتَتَنَزَّلُ عَلَيْكَ السَّكِينَةُ. قَالَ ﷺ "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمٰنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ".
كَمْ مَرَّةً قُلْتَهَا مِنْ قَلْبٍ؟ كَمْ مَرَّةً تَفَكَّرْتَ فِي عَظَمَةِ مَنْ تُسَبِّحُهُ؟ كَمْ مَرَّةً قُلْتَهَا فِي لَحْظَةِ حُزْنٍ فَشَرَحَ اللهُ بِهَا صَدْرَكَ؟
الحَمْدُ لِلَّهِ.. هِيَ كَلِمَةُ الشَّاكِرِينَ، وَدَوَاءُ المَهْمُومِينَ، وَرَاحَةُ المُبْتَلِينَ. الحَمْدُ لِلَّهِ تَرْفَعُ البَلَاءَ، وَتَرُدُّ القَدَرَ، وَتَفْتَحُ الأَبْوَابَ. وَتُقَالُ لِلسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، لِأَنَّ فِيهَا الرِّضَا بِاللهِ.
قَالَ ﷺ "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ المِيزَانَ".
فَيَا مَنْ أَثْقَلَتْكَ الهُمُومُ.. وَيَا مَنْ بَحَثْتَ عَنِ السَّعَادَةِ فِي كُلِّ طَرِيقٍ.. قُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ؛ سَتَجِدْ قَلْبَكَ يَضِيءُ وَلَوْ كَانَ العَالَمُ مِنْ حَوْلِكَ مُظْلِمًا.
لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ.. أَعْظَمُ كَلِمَةٍ قِيلَتْ فِي الوُجُودِ، كَالْجَبَلِ لَوْ وُضِعَ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ فِي كِفَّةٍ، لَرَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ.
هِيَ كَلِمَةُ النَّجَاةِ، وَكَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَكَلِمَةُ دُخُولِ الجَنَّةِ.
قَالَ ﷺ "أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ".
لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ.. تُطْفِئُ الذُّنُوبَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَتَنْزِعُ مِنْ قَلْبِكَ الخَوْفَ مِنَ الخَلْقِ، وَالرَّجَاءَ فِي الخَلْقِ، لِتَجْعَلَ رَجَاءَكَ كُلَّهُ بِاللهِ وَحْدَهُ.
اللهُ أَكْبَرُ.. هِيَ كَلِمَةُ تَحْرِيرِ القَلْبِ. حِينَ تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ يَصْغُرُ كُلُّ شَيْءٍ كَانَ يَعْظُمُ عَلَيْكَ. مَشَاكِلُكَ، وَخَوْفُكَ، وَهُمُومُكَ، وَالدُّنْيَا كُلُّهَا تَصِيرُ تَحْتَ قَدَمَيْكَ؛ لِأَنَّكَ تُعْلِنُ أَنَّ اللهَ أَكْبَرُ مِنْهَا جَمِيعًا.
كَبَّرَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ فَكَانَتْ بَرْدًا وَسَلَامًا. َكَبَّرَ بِهَا المُسْلِمُونَ فَٱنْتَصَرُوا. وَكَبَّرَ بِهَا المَهْمُومُ فَٱرْتَاحَ. وَكَبَّرَ بِهَا المَرِيضُ فَصَبَرَ. وَكَبَّرَ بِهَا الفَقِيرُ فَٱطْمَأَنَّ.
عِبَادَ اللهِ.. أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ، لَكِنَّهَا تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.
أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ، لَكِنَّهَا تَبْنِي لَكَ قُصُورًا فِي الجَنَّةِ.
أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ، لَكِنَّهَا تَشْفِي القُلُوبَ المُنْكَسِرَةَ، وَتُزِيلُ الهَمَّ، وَتَفْتَحُ أَبْوَابَ الرِّزْقِ.
فَكَيْفَ نُضَيِّعُهَا؟ كَيْفَ نَتْرُكُهَا لِأَلْسِنَةٍ غَافِلَةٍ لَا تَتَحَرَّكُ إِلَّا بِالقَلِيلِ؟ وَاللهِ لَوْ عَلِمْنَا قِيمَتَهَا لَمَا تَرَكْنَاهَا فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ.
اللَّهُمَّ طَهِّرْ قُلُوبَنَا مِنَ الغَفْلَةِ، وَأَلْسِنَتَنَا مِنَ الزِّلَّةِ، وَأَعْمَالَنَا مِنَ الرِّيَاءِ، وَنُفُوسَنَا مِنَ الكِبْرِ وَالشِّقَاقِ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هٰذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ.. ٱجْعَلُوا هَذِهِ الكَلِمَاتِ الأَرْبَعَ وِرْدَ قُلُوبِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ وِرْدَ أَلْسِنَتِكُمْ.
قُولُوهَا فِي الطُّرُقَاتِ، وَالأَعْمَالِ، وَبَيْنَ النَّاسِ، وَفِي الخَلَوَاتِ.
عَلِّمُوهَا أَبْنَاءَكُمْ، وَٱرْبِطُوهَا بِقُلُوبِكُمْ، وَٱذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ.
فَوَاللهِ.. لَنْ يَنْدَمَ عَبْدٌ مَلَأَ يَوْمَهُ بِذِكْرِ اللهِ.
اللَّهُمَّ ٱجْعَلْ أَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ، وَقُلُوبَنَا عَامِرَةً بِطَاعَتِكَ، وَٱخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَنَا.
اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُومِينَ، وَٱشْفِ المَرْضَى، وَٱرْحَمْ مَوْتَانَا، وَٱغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
المرفقات
1763668185_مفاتيح الرحمات .. في أربع كلمات.docx
1763668198_مفاتيح الرحمات .. في أربع كلمات.pdf